الحاجة إلى الرد على المبتدعة فيه فهو نهي تحريم فيما لا تدعو الحاجة إليه فكيف فيما هو باطل.
والثاني من الثلاثة : العلماء مختلفون في التكفير به إذا لم ينته إلى هذا الحد أما مع هذه المبالغة ففي بقاء الخلاف فيه نظر.
وأما الثالث فنحن نعلم بالقطع أن هؤلاء الطوائف الثلاثة الشافعية والمالكية والحنفية وموافقيهم من الحنابلة مسلمون ليسوا بكافرين ، فالقول بأن جميعهم كفار وحمل الناس على ذلك كيف لا يكون كفرا وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «إذا قال المسلم لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما». فالضرورة أوجبت العلم بأن بعض من كفرهم مسلم والحديث اقتضى أن يبوء بها أحدهما فيكون القائل هو الذي باء بها.
مجامع الزيغ في نونية ابن القيم
وها أنا أذكر مجامع ما تضمنته القصيدة ملخصا من غير نظم وناظمها (١) أقل من أن أذكر كلامه لكني تأسيت في ذلك بإمام الحرمين في كتابه المسمى بنقض كتاب السجزي ، والسجزي هذا كان محدثا له كتاب مترجم بمختصر البيان وجده إمام الحرمين حين جاور بمكة شرّفها الله ، اشتمل كتاب السجزي هذا على أمور منها أن القرآن حروف وأصوات. قال إمام الحرمين : وأبدى من غمرات جهله فصولا وسوى على قصبة سخافة عقله نصولا ، ومخايل الحمق في تضاعيفها مصقولة وبعثات الحقائق دونها معقولة. وقال إمام الحرمين أيضا : وهذا الجاهل الغر المتمادي في الجهل المصر ، يتطلع إلى الرتب الرفيعة بالدأب في المطاعن في الأئمة والوقيعة. وقال إمام الحرمين أيضا : صدر هذا الأحمق الباب بالمعهود من شتمه فأفّ له ولخرقه فقد والله سئمت البحث عن عواره وإبداء شناره. وقال الإمام أيضا : وقد كسا هذا التيس الأئمة صفاته. وقال الإمام أيضا : أبدى هذا الأحمق كلاما ينقض آخره أوله في الصفات وما ينبغي لمثله أن يتكلم في صفات الله تعالى على جهله وسخافة عقله. وقال الإمام أيضا : قد ذكر هذا اللعين الطريد المهين الشريد ، فصولا وزعم أن الأشعرية يكفرون
__________________
(١) وهو ابن زفيل الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية كان بمتناول يده من كتب الفرق التي كانت دمشق امتلأت بها بعد نكبة بغداد ونكبة البلاد الشرقية باستيلاء المغول عليها ما يزداد به غواية إلى غوايته وقد حشر في مؤلفاته ما لم يفهمه ولم يهضمه من أقوال ارباب النحل شأن من خاض في المسائل النظرية الخطرة من غير أستاذ رشيد فحصل في تفكيره ما يحصل في معذة الشره المتخوم فأصبحت مؤلفاته محشر الأقوال المتناقضة ولم ينخدع بها إلا من ظن أن العلم هو حشد المصطلحات من غير نظام يربط بعضها ببعض وبدون تمحيص الحق من الباطل.