بها فعليه لعائن الله تترى ، واحدة بعد أخرى ، وما رأيت جاهلا أجسر على التكفير وأسرع إلى التحكم على الأئمة من هذا الأخرق ، وتكلم السجزي في النزول والانتقال والزوال والانفصال والذهاب والمجيء فقال الإمام : ومن قال بذلك حلّ دمه وتبرّم الإمام كثيرا من كلامه معه (١).
تأسي السبكي بإمام الحرمين
في الرد على بعض جهلة أهل الحديث
وها أنا أيضا أقتدي بالإمام في كلامي مع هذا الجاهل متبرما لكن خشية على عقائد العوام تكلمت.
والسجزي الذي ردّ عليه الإمام أعرف ترجمته محدث (٢) لا يصل ناظم هذه القصيدة إلى عشرة في الحديث ولكن الإنسان يضطر إلى الكلام مع الجهّال والمبتدعين صيانة لعقائد المسلمين وليت كلامي كان مع عالم أو مع زاهد أو متحفظ في دينه صين في عرضه قاصد للحق ولكنها بلوى نسأل الله حسن عاقبتها وبعد أن كنت قصدت الاقتصار على اختصار مجامعها عنّ لي هنا أن أستوعب كلماتها لأطفئ جمراتها.
__________________
(١) وعن هذا السجزي يقول أبو جعفر اللبلي الأندلسي في فهرسته : وكذلك اللعين المعروف بالسجزي فإنه تصدّى أيضا للوقوع في أعيان الأئمة وسرج الأمة بتأليف تالف وهو على قلة مقداره وكثرة عواره ينسب أئمة الحقائق وأحبار الأمة وبحور العلوم إلى التلبيس والمراوغة والتدليس وهذا الرذل الخسيس أحقر من أن يكترث به ذما ولا يضر البحر الخضم ولغة كلب.
ما يضر البحر أمسى زاخرا |
|
أن رمى فيه غلام بحجر |
فمما ذكر هذا المنافق الحائد بجهله عن الحقائق أن من ذهب الأشعرية أن النبوة عرض من الأعراض والعرض لا يبقى زمانين وإذا مات النبي زالت نبوته وانقطعت دعوته ، وهذه من جملة حكاياته وتقولاته المستبعدة اه وسيأتي الرد على هذا الهذيان. وقد وفاه اللبلي الكيل صاعا بصاع.
(٢) ومن الغريب أن السجزيين مهما علت منزلتهم في الرواية يقل بينهم جدا من يكون طاهر الذيل ناصع الجبين من فحش التشبيه ووصمة التجسيم كما لا يخفى على من بحث مؤلفاتهم بتبصر وأرى ذلك من عدوى مرض شيخ المجسمة أبي عبد الله محمد بن كرام السجزي الذي بتقشفه كان سحر ألباب أهل سجستان وتاريخه في غاية من الشهرة. وهذا السجزي هو أبو نصر الوائلي. مؤلف الإبانة المتوفى سنة ٤٤٤ وصاحبه السعد الزنجاني بمكة مثله في التشبيه مع أنهما ينتحلان مذهب الشافعي. ومن هذا الطراز الآجري صاحب كتاب الشريعة قبلهما ويرثي لحال من يميل إلى التشبيه مع جلالة مقداره في الحديث ونحن لا نعول على الرجل إلا في العلم الذي يتقنه دون سائر العلوم فكم بين أهل الحديث من هو أنزل منزلة من العامي في علم أصول الدين والفقه وكذلك سائر العلماء في غير علومهم.