فصل
أمثال مضروبة للمعطل والمشبه والموحد
قال : «وهذه أمثال حسان مضروبة للمعطل والمشبه والموحد».
مقصوده بالمعطل الجماعة الأشعرية ، وبالموحد نفسه وطائفته ، والمشبه لا وجود له عنده. ومقصود غرمائه بالمشبه هو وطائفته وبالموحد أنفسهم ، والمعطل لا وجود له الآن عندهم ، لأن المعطل هو المنكر للصانع ، والمشبه هو الذي شبهه بخلقه وهذا على ظاهره لا يوجد من يقول به لكن بما يلزم عنه ، ولا شك أن لزوم التشبيه له أظهر من لزوم التعطيل لغرمائه ، وإذا امتحن الإنسان نفسه قطع بأن الأشعري ليس بمعطل وأن هذا النحس مشبه ولا ينجيه إنكاره باللسان وقد اعترف على نفسه بأن من شبه الله بخلقه فقد كفر. واندفع في ضرب الأمثلة بما لا نطول به.
فصل
من قصيدته النونية
قال في قصيدته التي أهدت الجري إليه وفرقت سهام النبال عليه :
«إن كنت كاذبة الذي حدثتني |
|
فعليك إثم الكاذب الفتان |
جهم بن (١) صفوان وشيعته الألى |
|
جحدوا صفات الخالق الديان |
بل عطلوا منه السماوات العلى |
|
والعرش أخلوه من الرّحمن» |
أما جهم فمضى من سنين كثيرة ولا يعرف اليوم أحد على مذهبه فعلم أن مراد هذا الناظم بالجهمية الأشعرية من الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة فليعلم
__________________
(١) جهم بن صفوان زائغ باتفاق بين أهل السنة والمعتزلة ، يقول بنفي الخلود في الجنة وفي النار ، وتابعه ناظم القصيدة في شطر هذا المعتقد حيث يقول : لا خلود للكفار في النار تبعا لشيخه وهو كفر عند جمهور أهل الحق. وكان جهم منبوذا لم يبق بعد قتله من تابعه أصلا ومن يقال فيه من المتكلمين إنه جهمي من قبيل النبز بالألقاب ، وقد توسعت في بيان ذلك بعض توسع فيما علقته على الاختلاف في اللفظ لابن قتيبة وليس بين المعتزلة فضلا عن الأشاعرة من ينفي أن الله سبحانه عالم قدير سميع بصير ... إلى آخر تلك الصفات الواردة في الكتاب والسنة المشهورة حتى يصح رميهم بجحد الصفات وجل الإله سبحانه من أن يكون له مكان يحويه فلا يقال إن السماء ظرف له ولا إن العرش مستقر ذاته فأين في كتاب الله مثل ذلك أو تفسير الاستواء بالاستقرار إنما هو قول مقاتل بن سليمان شيخ المجسمة وقول الكلبي الزائغ.