فصل
قال : «وقضى ـ يعني جهما ـ وشيعته الذين هم الأشعرية بزعمه بأن الله كان معطلا ، والفعل ممتنع بلا إمكان ثم استحال وصار مقدورا له من غير أمر قام بالديان» مقصوده أن الله ما زال يفعل وهذا يستوجب (١) القول بقدم العالم وهو كفر.
فصل
استنكار الناظم إعادة المعدوم ... إلخ
قال : «وقضى الله بأن يجعل خلقه عدما ويقلبه وجودا ويعيد ذا المعدوم. هذا المعاد وذلك المبدأ لذي جهم وقد نسبوه للقرآن هذا الذي قاد ابن سينا والألى قالوا مقالته إلى الكفران لم تقبل الأذهان ذا ، وتوهموا أن الرسول صلىاللهعليهوسلم عناه بالإيمان ، هذا كتاب الله أنى قاله أو عبده أو صحبه أو تابع ، بل صرح الوحي بأنه مغير الأكوان وتحدث الأرض وتشهد أفيشهد العدم».
أجمع المسلمون على أن الله قادر على أن يعدم الخلق ثم يعيده وعلى أن إنكار ذلك كفر وجمهور المسلمين على أن الواقع ذلك لقوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦)) [الرّحمن : ٢٦] و (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] وقيل إن الأجسام تتفرق ثم تعاد وقوله (أفيشهد العدم) أنحن قلنا تشهد وهي عدم إنما تشهد بعد الإعادة فانظر كلام هذا الجاهل وقوله (لم تقبل الأذهان ذا) إن كان ينكر إمكانه (وكونه مقدورا لله) فهو كافر وإن لم ينكر إلا وقوعه فهو مذهب ضعيف. ثم قال «هذا الذي جاء الكتاب وسنة الهادي به ، ما قال إن الله يعدم خلقه طرا كقول الجاهل الحيران» أقول : قد قال تعالى : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) [الأنبياء : ١٠٤] ولو كانت الإعادة جمع الأجزاء بعد تفريقها أو الإتيان بغيرها لم تنطبق على الآية فإن الآية تقتضي أن جميع ما بدأ به الخلق يعيده وإنما يكون كذلك إذ أعدمه ثم أعاده بعينه ، والله قادر على ذلك. وقال تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الرّوم : ٢٧] وإنما كان أهون بالنسبة إلى الشاهد
__________________
(١) وهذا الاستلزام بيّن وما يقال من أن لازم المذهب ليس بمذهب إنما هو فيما إذا كان اللزوم غير بيّن ، فاللازم البيّن لمذهب العاقل مذهب له وأما من يقول بملزوم مع نفيه للازمه البيّن فلا يعد هذا اللازم مذهبا له لكن يسقطه هذا النفي من مرتبة العقلاء إلى درك الأنعام وهذا هو التحقيق في لازم المذهب فيدور أمر القائل بما يستلزم الكفر لزوما بيّنا بين أن يكون كافرا أو حمارا.