مذاهبها إلى القرآن ، قالوا : الذي تبغيه فوق عباده (١) فوق السماء وفوق كل مكان وهو الذي حقا على العرش استوى وإليه يصعد كل قول طيب وإليه يرفع سعي ذي الشكران ، والروح والأملاك منه تنزلت وإليه تعرج وإليه أيدي السائلين توجهت ، وإليه قد عرج الرسول صلىاللهعليهوسلم وإليك قد رفع المسيح حقيقة وإليه يصعد روح كل مصدق ، لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا مرضى بداء الجهل والخذلان.
تسمية الناظم أهل الحق بحزب جنكز خان
فسألت عنهم رفقتي أصحاب جهم حزب (٢) جنكسخان. من هؤلاء؟ قال مشبهة
__________________
(١) والوارد في القرآن الكريم (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) [الأنعام : ١٨] ومن الخرق أن يظن من قوله تعالى عن القبط : (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) [الأعراف : ١٢٧] ركوب القبط على أكتاف بني إسرائيل مع إمكان ركوب جسم على جسم ، وكيف يتصور ذلك في الله تعالى المنزّه عن الجسم ولوازم الجسمية واعتبار ذات الله فوق عباده فوقية مكانية إلحاد ليس من مدلول الآية في شيء وكون ذاته جلّ جلاله فوق إحدى السماوات فوقية مكانية وفوق كل مكان فوقية مكانية مثل ما سبق في الزيغ ، وأين في القرآن ما يوهم ذلك؟ على أن القول الأخير موافقة منه لمن يقول إن ذاته جلّ شأنه بكل مكان وكفى هذا تهاترا. وإن كان يريد بالاستواء الاستقرار تبعا لمقاتل بن سليمان شيخ المجسمة فقد استعجمت عليه الآية الكريمة وتباعد عن بلاغتها أيما تباعد وقد أوضحت ذلك في (لفت اللحظ إلى ما في الاختلاف في اللفظ) ونسبة الصعود إلى الأعراض والمعاني من الدليل في أول نظر على أنه مجاز من القبول وما ذا من نزول الملائكة من السماوات وعروجهم إليها. وإليه تعالى قصد السائلين ، لكن رفعهم الأيدي إلى السماء ليس في شيء من الدلالة على استقرار وجود ذاته في السماء وإنما ذلك لمجرد أن السماء قبلة الدعاء ومنزل الأنوار والأمطار والخيرات والبركات (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) [الذّاريات : ٢٢] وسمت الرأس مما يتبدل آنا فآنا كما يعرف ذلك صغار التلاميذ في المدارس ، فهل ذات معبود الناظم في تنقل دائم لا يبرح سمت رأسه؟! وما حال سائر الداعين في أقطار الأرض؟ وهذا هو الجهل المطبق. لم يكن إسراء النبي صلىاللهعليهوسلم ليغشى مكان الله ـ سبحانه عن المكان ـ بل أسرى به ربه ليريه من آياته الكبرى كما نصّ على ذلك القرآن ومقام عيسى عليهالسلام يظهر من حديث المعراج ، فويح الناظم ما أجهله بالسنة ، نعم يوجد بين النصارى من يزعم أن الابن رفع إلى السماء وجلس في جنب أبيه ، تعالى الله عما يقول المجسمة وإخوانهم النصارى واليهود علوا كبيرا ، وصعود الأرواح إلى السماء من الذي يراه صالحا لاتخاذه دليلا على التجسيم؟.
(٢) انظر هذا الحشوي كيف يجعل أهل السنة المنزّهين لله عن الجسم والجسمانيات من حزب جنكزخان الذي اكتسح معالم الإسلام من بلاد الصين إلى حدود الشام غربا وإلى نهر ولجا وما والاها من بلاد البلغار القديم شمالا ذلك الكافر العريق في الكفر ، المسود لتاريخ البشرية بعظائمه الهمجية. ولم تزل أعين المسلمين تفيض دما على تلك الكوارث التي قضت على تلك العلوم الزاهرة وعلى هؤلاء العلماء النبهاء حرّاس الشريعة الغرّاء ، حتى أصبح مثل النظام يجد