فصل
قال : «في قدوم ركب الإيمان وعسكر القرآن» قال :
«وأتى فريق ثم قال : ألا اسمعوا قد جئتكم من مطلع الإيمان :
من أرض طيبة ، من مهاجر أحمد. سافرت في طلب الإله فدلني الهادي عليه ، ومحكم القرآن مع فطرة الرّحمن وصريح عقل شهدوا بأن الله منفرد بالملك والسلطان وهو الإله الحق».
هذا صحيح.
ثم قال : «لا معبود إلا وجهه» هذا عندنا صحيح وأما عنده فالوجه غير الذات فكيف يصح؟
ثم قال : «والناس بعد فمشرك أو مبتدع وكذلك شهدوا بأن الله ذو سمع وذو بصر هما صفتان».
هذا نحن نقوله لكن لو طولب بالشهادة بأنه ذو سمع وذو بصر أين يجدها (١) في ألفاظ القرآن والسنة ولو كان كذلك لم يكن بيننا وبين المعتزلة نزاع فيه.
قال : «وعموم قدرته (٢) يدل بأنه هو خالق الأفعال للحيوان».
اعتقادنا أنه سبحانه خالق أفعال الحيوان ولكن كيف يدل عموم القدرة على ذلك بل لذلك أدلة أخر. واستدلال هذا القدم بعموم القدرة من عدم شعوره.
ثم قال : «هي خلقه حقا وأفعال لهم حقا ولا يتناقض الأمران!».
__________________
(١) بل الواجب على من يهاب مقام ربه أن لا يطلق عليه تعالى ما لم يرد إطلاقه عليه في الكتاب والسنة المشهورة مع الاقتصار على الوارد فعلا كان أو صفة أو مفردا أو مجموعا ، فلا يقال له عينان ولا هو مستو. فإبدال الفعل صفة ، والمجموع مثنى ، وإبدال اللفظ بما يظن مرادفا له مما يجب أن يتهيبه كل مسلم. بل قال إمام الحرمين : أجمع المسلمون على منع تقدير صفة مجتهد فيها لله عزوجل لا يتوصل فيها إلى قطع بعقل أو سمع وأجمع المحققون على أن الظواهر يصح تخصيصها أو تركها بما لا يقطع به من أخبار الآحاد والأقيسة وما يترك بما لا يقطع به كيف يقطع به؟ اه.
(٢) وكم من شيء مقدور عليه لم يدخل في حيز الوجود فمن أين يدل عموم القدرة على أنه خالق أفعال الحيوان؟ بل الدليل على ذلك قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦)) [الصّافات : ٩٦] وقوله تعالى : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الرّعد : ١٦] وكم لنا من براهين عقلية على ذلك لكن الناظم بالغ الجهل ظاهر البلادة حتى في مثل هذه المسائل الظاهرة لصغار المتعلمين وحق مثله أن يقرع إيقافا له عند حده فالمصنف معذور إذا قال عنه إنه حمار أو تيس.