عدم تمييز الناظم بين اللازم والملزوم
الجسدية والحدوث والإمكان يلزم منها ثلاثتها الاحتياج والنقص ، فالنوم والجماع والأكل لوازم لذلك لا ملزومات (١) وتقديسه عن الأعضاء مع إثباته قدمين كيف يجتمعان.
تخبط الناظم في الصوت
قال : «والله ربي لم يزل متكلما ، هو قول ربي كله لا بعضه لفظا ومعنى ، ما هما خلقان».
أما كونه لم يزل متكلما وقوله مع ذلك إنه لفظ وإنه غير مخلوق فكلام من لا يدري ما يقول (٢).
قال : «لكن أصوات العباد مخلوقة ، فإذا انتفت الوساطة كتكلم الله لموسى فالمخلوق نفس السمع (٣) إلا المسموع ، هذي مقالة أحمد ـ يعني ابن حنبل ـ ومحمد ـ يعني البخاري ـ».
__________________
(١) يا حضرات المغترين بابن القيم ، اعملوا معروفا مع أنفسكم وانظروا كيف لا يميز صاحبكم اللازم من الملزوم ، أيكون حاله هكذا في الجهل ويصل غروركم به إلى أن تعتقدوا أنه الإمام الذي لا يساميه بل لا يدانيه إمام.
(٢) لأن اللفظ لا بد من أن يكون باعتبار وجوده الخارجي متعاقب الحروف فلا يتصور العاقل في مثله قدما ، نعم ليس للفظ باعتبار وجوده العلمي والنفسي تعاقب فيكون قديما كما قال بذلك أحمد وتابعه ابن حزم ، وهو الموافق لتحقيق القوم في الكلام النفسي ، إلا أن وجوده أصلي بخلاف العلم فإنه بالإضافة إلى المعلوم. والناظم ليس بقائل بما قال به أحمد كما يظهر من مواضع من نظمه فيكون قائلا بما هو غير معقول.
(٣) لا فرق بين موسى عليهالسلام وبين غيره في خلق السمع فيهما ، وأما المسموع فإن كان يريد به الصوت المكيف فكذلك ، وإن كان يريد ما هو قائم بالله فجلّ الإله أن يقوم به عرض سيّال. والوارد في الكتاب أنه تعالى كلّم موسى ـ بدون ذكر الصوت أصلا ـ والتكلم لا يستلزم الصوت قال تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) [الشورى : ٥١] إذ لا صوت في الوحي إلى القلب والصوت في الثالث صوت الرسول دون المكلم فليكن الكلام من وراء حجاب كذلك وهو الذي حصل لموسى ، فمهما كان النبي بسماعه صوت الرسول إليه يعد أن الله كلمه فلا يكون أي مانع من أن يعد موسى كلمه ربه إذ نودي من الشجرة ، فأي زائغ يتصور حلول الله في الشجرة حتى يقول : إن الذي سمعه صوت الله؟ تعالى الله أن يكون كلامه صوتا ، والآية قاضية على جميع الأوهام في هذا البحث لمن أحسن التدبر فيها.