وتعاقب (١) الكلمات».
هذا هو الذي ابتدعه ابن تيمية والتزم به حوادث لا أول لها ، والعجب قوله مع ذلك إنه قديم ، وحين النطق بالباء لم تكن السين موجودة ، فإن قال النوع قديم وكل واحد من الحروف حادث عدنا إلى الكلام في كل واحد من حروف القرآن ، فيلزم حدوثها وحدوثه ، فالذي التزمه من قيام الحوادث بذات الرب لا ينجيه بل يرديه ، وهذا آفة التخليط والتطفل على العلوم وعدم الأخذ عن الشيوخ.
كلام واف في أحاديث الصوت
ثم قال : «واذكر حديثا في صحيح محمد ذاك البخاري فيه نداء الله (٢) يوم معادنا بالصوت».
__________________
(١) فيكون محلا للحوادث ، تعالى الله عن ذلك ، وابن تيمية تابع الكرامية في ذلك وأربى عليهم في الزيغ بدعوى القدم النوعي في الكلام ، مع أنه لا وجود للكلي إلا في ضمن الأفراد ، فلا معنى لوصف النوع بالقدم بعد الاعتراف بحدوث كل فرد من أفراده وقد أطال العلامة قاسم بن قطلوبغا الحافظ فيما كتبه على المسايرة الكلام في ذلك فلا نطيل الكلام بما هو في متناول أيدي صغار التلاميذ. والناظم من أتبع الناس لابن تيمية في سخافاته ، وقد نقل ابن رجب في طبقاته عن الذهبي في حق ابن تيمية أنه أطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا وجسر هو عليها اه ، فيدور أمره بين أن يكون مصابا في عقله أو دينه ، فتبا لمن يتخذ مثله قدوة.
(٢) إن كان يريد حديث جابر عن عبد الله بن أنيس «يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب ...» الحديث ، فهو حديث ضعيف علقه البخاري بقوله ويذكر عن جابر دلالة على أنه ليس من شرطه ومداره على عبد الله بن محمد بن عقيل وهو ضعيف باتفاق ، وقد انفرد عنه القاسم بن عبد الواحد وعنه قالوا إنه ممن لا يحتج به. وللحافظ أبي الحسن المقدسي جزء في تبيين وجوه الضعف في الحديث المذكور ، وأما إن كان يريد حديث أبي سعيد الخدري «يقول الله يا آدم يقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك ...» الحديث ، فلفظ ينادي فيه على صيغة المفعول جزما بدليل «إن الله يأمرك» ولو كان على صيغة الفاعل لكان إني آمرك كما لا يخفى على أن لفظ (صوت) انفرد به حفص بن غياث وخالفه وكيع وجرير وغيرهما فلم يذكروا الصوت ، وسئل أحمد عن حفص هذا فقال كان يخلط في حديثه كما ذكره ابن الجوزي ، فأين الحجة للناظم في مثله؟ على أن الناظم نفسه خرج في حادي الأرواح ـ وفي هامشه إعلام الموقعين ـ (٢ ـ ٩٧) عن الدار قطني من حديث أبي موسى «يبعث الله يوم القيامة مناديا بصوت يسمعه أوله وآخرهم إن الله وعدهم ...» الحديث ، وهذا يعين أن الإسناد مجازى على تقدير ثبوت الحديثين فظهر بذلك أن الناظم متمسك في ذلك بالسراب والمؤلف تساهل في الرد عليه وفي (القواصم والعواصم) لابن العربي ما يقصم ظهر الناظم في (٢ ـ ٢٩) منه.