الخليقة كلها فطرت عليه الخلق» فيقال أسماء الله قديمة فإن لزم من العلى والأعلى كونه فوق جسم لزم قدم العالم والذي فطرت عليه والبديهة التعظيم إلى أعلى غاية.
فصل
كلمة ابن تيمية في العلو والفوقية والرد عليه
قال : «وثالثها صريح الفوق (١) مصحوبا بمن وبدونها أحدهما قابل للتأويل والأصل الحقيقة والمجرور لا يقبل التأويل وأصح لفائدة جليل قدرها إن الكلام إذا أتى بسياقه يبدي المراد أضحى كنص قاطع».
فيقال المجرور أولى بالتأويل لأن قوله تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النّحل :
٥٠] يحتمل أن المراد خوفا من فوقهم وليس في سياق الكلام ما يبدي المراد الذي ادعاه فأين الفائدة؟ والفوقية بمعنى القهر وعلو القدر متفق عليها والجهة هي عين النزاع ويلزم منها قدم الجهة.
فصل
قال : «ورابعها عروج الروح والملائكة في سورتي السجدة والمعارج قالوا هما بزمان وعندي يوم واحد عروجهم فيه إلى الديّان فالألف مسافة نزولهم وصعودهم إلى السماء الدنيا والخمسون ألف من العرش إلى الحضيض الأسفل».
فيقال له في الآيتين (إِلَيْهِ) [البقرة : ١٧٨] فعلى قوله يكون الله في مكانين أحدهما في السطح التحتاني من السماء الدنيا لأنه نهاية الألف والثاني في العرش ثم إن المسافة
__________________
(١) ينص شيخه في كتابه المذكور على أن المراد بالفوقية الفوقية الحسية فكأنه لم يتل في كتاب الله (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح : ١٠] و (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) [يوسف : ٧٦] والمراد بالفوقية فوقية العزة والقهر والتنزه. «والله فوق ذلك» في حديث الترمذي بمعنى أنه يعلو عن مدارك البشر بدليل ما في سنن الترمذي أيضا من حديث «لو دليتم» قال ابن جهبل : الفوقية ترد لمعنيين : أحدهما نسبة جسم إلى جسم بأن يكون أحدهما أعلى والآخر أسفل بمعنى أن أسفل الأعلى من جانب رأس الأسفل ، وهذا لا يقول به من لا يجسم ، وثانيهما بمعنى المرتبة كما يقال الخليفة فوق السلطان والسلطان فوق الأمير ، وكما يقال : جلس فلان فوق فلان والعلم فوق العمل والصياغة فوق الدباغة. قال تعالى : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) [الزّخرف : ٣٢] ولم يطلع أحدهم فوق أكتاف الآخر وقال تعالى عن القبط : (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) [الأعراف : ١٢٧] وما ركبت القبط أكتاف بني إسرائيل ولا ظهورهم اه. فظهر بذلك بطلان التمسك بكلمة فوق في الآيات والأحاديث في إثبات الجهة له تعالى الله عن مزاعم المجسمة.