سواها مكابرة ولذا قال محقق منكم للمعتزلة ما بيننا خلف فاحملوا معنا على المجسمة إذ قالوا يرى كما يرى القمران فيلزمهم العلو وليس فوق العرش رب هذا الذي والله مودع كتبهم».
ينبغي أن يحضر هذا النحس ويلزم بأن يخرج من كتبهم أنه ليس فوق العرش رب ولن يجده في كتبهم أبدا وتوهمه أنه لا يرى إلا من فوق لقصور عقله. ونقله اتفاقنا مع المعتزلة لعدم فهمه بل بيننا وبينهم وفاق وخلاف فقوله : ما بيننا وبينكم خلف كذب علينا.
فصل
بسط الكلام في السؤال ب «أين» في حديث الجارية
قال : «ورابع عشرها أين الله في كلام النبي صلىاللهعليهوسلم في حديث معاوية بن الحكم وفي تقريره لمن سأله رواه أبو رزين».
أقول : أما القول فقوله صلىاللهعليهوسلم للجارية «أين (١) الله؟ قالت : في السماء» وقد تكلم
__________________
ـ حالات القمر من التدوير والمسير والحدود وغير ذلك وإنما وقع التشبيه في أن إدراكه يوم القيامة كإدراكنا القمر ليلة البدر لا يختلف في ذلك كما لا يختلف في هذا ، والعرب تضرب بالقمر المثل في الشهرة والظهور اه فعار على الناظم وشيخه أن يغيب عنهما ما لم يغب عن مثل ابن قتيبة ، لكن الهوى يعمي ويصم ، وكلامهما ينبئ عن تشبيه المرئي بالمرئي بل عادة ابن تيمية تهوين شأن التشبيه حتى تجده يقول فيما ردّ به على الرازي (٢٤ ـ الكواكب) «ليس في كتاب الله ولا سنّة رسوله صلىاللهعليهوسلم ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين ولا الأكابر من أتباع التابعين ذم المشبهة وذم التشبيه ونفي مذهب التشبيه ونحو ذلك وإنما اشتهر ذم هذا من جهة الجهمية اه» كأنه لم يتل قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشّورى : ١١] وقوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) [النّحل : ١٧] وهو الذي يروي عن ابن راهويه في موضع آخر من ذلك الكتاب «من وصف الله فشبّه صفاته بصفات أحد من خلقه فهو كافر بالله العظيم» ويروى أيضا مثله عن نعيم بن حماد في موضع آخر وهو من أئمتهم بل يروى عن الإمام أحمد نفسه «لا يشبهه شيء من خلقه» في موضع آخر من كتابه المذكور وهذا مما يدل على وقاحته البالغة وقلة دينه ، وهل أدل على قلة عقل الرجل من تناقضه في كتاب واحد؟ والله ينتقم منه.
(١) وراوي هذا الحديث عن ابن الحكم هو عطاء بن يسار وقد اختلفت ألفاظه فيه ففي لفظ له «فمدّ النبي صلىاللهعليهوسلم يده إليها وأشار إليها مستفهما من في السماء ...» الحديث ، فتكون المحادثة بالإشارة على أن اللفظ يكون ضائعا مع الخرساء الصماء فيكون اللفظ الذي أشار إليه الناظم والمؤلف لفظ أحد الرواة على حسب فهمه لا لفظ الرسول صلىاللهعليهوسلم. ومثل هذا الحديث يصح الأخذ به فيما يتعلق بالعمل دون الاعتقاد ، ولذا أخرجه مسلم في باب تحريم الكلام في الصلاة ـ