__________________
ـ الشيخ عبد القادر ـ وهم الجمهور ـ يبرءونه من تلك البدع ويعدونها مدسوسة في كتبه ولا يوجد بين أهل الحق من يعترف له بالصلاح مع فرض ثبوت تلك المخازي عنه ، فعلى فرض ثبوتها عنه فلا حب ولا كرامة ، ومخارق حفيده عبد السلام المتربي لديه تدعو الباحث إلى غاية من الاحتياط في حقه ، وقد أشار الحافظ أبو شامة المقدسي في ذيل الروضتين إلى ما جرى بينه وبين أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي والوزير العالم ابن يونس الحنبلي نسأل الله السلامة. وبين المتصوفة من يلهج كثيرا بمرتبة الإطلاق ومراتب التنزل في المظاهر أخذا من مذهب السالمية لكن أئمة أصول الدين ليسوا على تصديق التجلي في الصور الذي يقول به هؤلاء بل يعدون ذلك والحلول على حد سواء ، فمن حاول الجمع بين أقوال المتكلمين والمتصوفة والحكماء والحشوية في ذلك كالبرهان الكوراني فإنما حاول المحال والانسلاخ من قيد العقل والنقل معا ، نسأل الله العافية ، وليس بقليل بين الأئمة من جاهر بإكفار القائلين بالجهة كما نقلت نص ذلك من شرح مشكاة المصابيح للعلامة ناصر السنة علي القاري فيما علقته على «دفع شبه التشبيه» لابن الجوزي (ص ٥٧) وشأن من يخاف الله سبحانه أن ترتعد فرائصه في موطن جاهر فيه بعض الأئمة المتبوعين في أصول الدين ؛ بالإكفار.
بسط الكلام في رد القول بالجهة
ولم يرد لفظ الجهة في حديث ما بل قال أبو يعلى الحنبلي في «المعتمد في المعتقد» : ولا يجوز عليه الحد ولا النهاية ولا قبل ولا بعد ولا تحت ولا قدّام ولا خلف لأنها صفات لم يرد الشرع بها وهي صفات توجب المكان اه ولعله آخر مؤلفاته بدليل أن امتحانه في الصفات كان سنة ٤٢٩ قبل وفاته بنحو ثلاثين سنة فمن أثبت له تعالى جهة فقد أثبت له أمثالا وأشباها مع أنه لا مثل له ولا شبيه له تعالى ، قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشّورى : ١١] وقال تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) [النّحل : ١٧] فلعائن الله على من يثبت له تعالى ما لم يثبت له الكتاب ولا السنة من الجهة ونحوها ، وأما ابن رشد الحفيد ففيلسوف ظنّين يسعى في إثارة وجوه من التشكيك حول آراء المتكلمين من أهل السنة لينتقم منهم بسبب ردودهم على الفلاسفة إخوانه ولا سيما من أبي المعالي الجويني وأبي حامد الغزالي ، فمن طالع فصل المقال ومناهج الأدلة لابن رشد وخاصة في بحث قدم العالم قدما زمانيا وعلم الله بالجزئيات والبعث الجسماني يتيقن ما قلنا في حقه على أنه يقول في فصل المقال (ص ١٣) : إن هاهنا ظاهرا من الشرع لا يجوز تأويله ، فإن كان تأويله في المبادي فهو بدعة ، وهاهنا أيضا ظاهر يجب على أهل البرهان تأويله وحملهم إياه على ظاهره كفر في حقهم ، وتأويل غير أهل البرهان له وإخراجه عن ظاهره كفر في حقهم. ومن هذا الصنف آية الاستواء وحديث النزول اه.
وهذا الكلام يهد على رأس ابن تيمية وتلميذه ما يريدان أن يبنيا على كلامه ولو علما مغزى كلامه لأبيا كلا الإباء أن يحوما حول كلامه في مثل هذه الأبحاث. فما يكون كفرا في حق طائفة عند ابن رشد يكون إيمانا في حق طائفة أخرى عنده وبالعكس وهذا هو الذي يحتج ابن تيمية في التأسيس وغيره بقوله في الجهة من غير أن يعقل مغزى كلامه الطويل في مناهج الأدلة. وأما ما وقع في كلام ابن أبي زيد وابن عبد البر مما يوهم ذلك فمؤول عند محققي