لأن لهم بدعة لا يبغون عنها حولا ، وكل هؤلاء الذين نقل عنهم كلامه إما متأول أراد به قائله معنى صحيحا غير ما أراده هذا المبتدع ، وإما مختلق عليه وحقه أن يسبر ، فمن سمي من المتأخرين لم يكن له بصر بالحقائق فزلّ كما زلّ شيوخ (١) هذا المبتدع وقادته ممن لم يكن قدوة.
فصل
قال : «وسابع عشرها إخباره سبحانه في القرآن عن موسى ، وفرعون أنكر التكليم والفوقية العليا. ولنا مائتا دليل على أنه فوق السماء (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) [النّساء : ٦٥] ـ بالله ـ هل حدثتكم قط أنفسكم بذا فسلوا أنفسكم عن الإيمان ، لكن رب العالمين وجنده ورسوله صلىاللهعليهوسلم المبعوث بالفرقان هم يشهدون بأنكم أعداء من ذا شأنه أبدا بكل زمان ولأي شيء كان أحمد (٢) خصكم أعني
__________________
قول اليافعي في الحشوية
(١) من حشوية الحنابلة قال العفيف اليافعي في (مرهم العلل المعضلة في دفع الشبه والرد على المعتزلة) في الجزء الثالث منه : «ومتأخرو الحنابلة غلوا في دينهم غلوا فاحشا وتسفهوا سفها عظيما وجسموا تجسيما قبيحا وشبهوا الله بخلقه تشبيها شنيعا وجعلوا له من عباده أمثالا كثيرة حتى قال أبو بكر بن العربي في العواصم : أخبرني من أثق به من مشيختي أن القاضي أبا يعلى الحنبلي كان إذا ذكر الله سبحانه يقول فيما ورد من هذه الظواهر في صفاته تعالى : «ألزموني ما شئتم ، فإني ألتزمه إلا اللحية والعورة». قال بعض أئمة أهل الحق وهذا كفر قبيح واستهزاء بالله تعالى شنيع وقائله جاهل به تعالى لا يقتدي به ولا يلتفت إليه ولا متبع لإمامه الذي ينتسب إليه ويتستر به بل هو شريك للمشركين في عبادة الأصنام ، فإنه ما عبد الله ولا عرفه ، وإنما صوّر صنما في نفسه ، فتعالى الله عما يقول الملحدون والجاحدون علوا كبيرا اه».
ومثل ما نقله ابن العربي عن أبي يعلى هذا منقول في كتب الملل والنحل عن داود الجواربي ، تعالى الله عن ذلك. ثم قال اليافعي : «ولقد أحسن ابن الجوزي من الحنابلة حيث صنّف كتابا في الرد عليهم ، ونقل عنهم أنهم أثبتوا لله صورة كصورة الآدمي في أبعاضها ، وقال في كتابه هؤلاء قد كسوا هذا المذهب شيئا قبيحا حتى صار لا يقال عن حنبلي إلا مجسم ، قال : وهؤلاء متلاعبون وما عرفوا الله ولا عندهم من الإسلام خبر ولا يحدثون ، فإنهم يكابرون العقول وكأنهم يحدثون الصبيان والأطفال ، قال : وكلامهم صريح في التشبيه وقد تبعهم خلق من العوام وفضحوا التابع والمتبوع .. انتهى». والكتاب الذي أشار إليه اليافعي هو (دفع شبه التشبيه) وهو مطبوع فليراجع.
(٢) وإنما خصوم أحمد هم الذين انتموا إليه كذبا وخالفوه في التنزيه ، وقال الحافظ ابن شاهين (رجلان صالحان بليا بأصحاب سوء : جعفر بن محمد الصادق وأحمد بن حنبل) رواه ابن عساكر بطريق أبي ذر الهروي راوية الجامع الصحيح يريد الروافض والمجسمة.