أكثر من سبعين نصا ، والسماء منفطر به لم يسمح المتأخرون بنقله جبنا (١) وضعفا بل قاله المتقدمون».
هذا الرجل كما قال الله تعالى : (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) [آل عمران : ٧].
فصل
قال : «والحادي والعشرون إتيان رب العرش ومجيئه (٢) من أين يأتي لا يأتي إلا
__________________
(١) وروى الحشوية في تفسيره ألفاظا وهي (ممتلئ به) و (مثقلة به) و (مثقلة به موقرة) و (يئط من ثقل الذات) وركبوا لها أسانيد فمن أثبت لله سبحانه ثقلا لم يدع ما لم يفه به في التجسيم ، والناظم استنكر إمساك المتأخرين عن ذلك حتى باح بما في نفسه ، ويحاول شيخه أن يجعل قول كعب الأحبار في ذلك مما يمكن أن يكون سمعه من الصحابة ، فحاشاهم عن ذلك ، وفي جزء المنبجي تلميذ الناظم في هذا الصدد مخاز ، ومن علم الحالة العامة عند مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم من عراقة البيئة في الوثنية ومنازع الأمم المحدقة بها في التشبيه والتجسيم كما أشرت إلى بعض ذلك في مقدمة تبيين كذب المفتري لا يصعب عليه معرفة وجه اندساس أعداء الدين بين الجمهور من عهد التابعين لبعث ما عندهم من صنوف الزيغ بين أعراب الرواة وبسطاء مواليهم حتى وجدت تلك الأساطير من يذيعها بين الأمة خلفا عن سلف ، قاتلهم الله ، ولو لا قيام علماء أصول الدين في كل قرن بكشف الستار عن وجوه هؤلاء المخذولين لاستفحل أمرهم وله الحمد في الآخرة والأولى ، وهذا الناظم وشيخه قد جددا الكرة بسلاح جديد بتلبيس معتقدهما الزائغ بلباس النظر والتفلسف تارة على طريقة صاحب المعتبر أبي البركات البغدادي اليهودي وبلباس الرواية والأثر تارة أخرى وأمرهما كما ترى مكشوف مفضوح في الحالتين بفضل الله وتوفيقه ولا عذر للمنخدعين بهما بعد ما سردناه في هذا الكتاب.
نص أحمد في المجيء
(٢) قال ابن حزم : روينا عن الإمام أحمد في قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر : ٢٢] إنما معناه وجاء أمر ربك كقوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) [النّحل : ٣٣] والقرآن يفسر بعضه بعضا. وهكذا نقله ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير ، وقال البيهقي في مناقب أحمد أنبأنا الحاكم قال حدثنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال سمعت عمي أبا عبد الله يعني أحمد يقول : احتجوا علي يومئذ ـ يعني يوم نوظر في دار أمير المؤمنين ـ فقالوا تجيء سورة البقرة يوم القيامة وتجيء سورة تبارك فقلت لهم إنما هو الثواب قال الله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر : ٢٢] إنما تأتي قدرته ، وإنما القرآن أمثال ومواعظ.
قال البيهقي وفيه دليل على أنه كان لا يعتقد في المجيء الذي ورد به الكتاب والنزول الذي وردت به السنة انتقالا من مكان إلى مكان كمجيء ذوات الأجسام ونزولها ، وإنما هو عبارة عن ظهور آيات قدرته ، فإنهم لما زعموا أن القرآن لو كان كلام الله وصفة من صفات ذاته لم يجز عليه المجيء والإتيان فأجابهم أبو عبد الله بأنه إنما يجيء ثواب قراءته التي يريد إظهارها يومئذ ، فعبّر عن إظهاره إياها بمجيئه اه.