واليد والساق والجنب والعين والانتقال في الدرجات وغير ذلك مما قد ذكرته معنى الجسم ويرسم ذلك في نفسه أولا فإن قال إنه لا يفهم منها إلا معنى الجسم فيكفيك إثما عند الله إضلال مثل هؤلاء وحملهم على اعتقاد التجسيم الذي تزعم أنت بلسانك أنك لا تقول به فالمحقق منك إضلال أكثر العالم ، وأما أنت في نفسك فإن كذبت في إنكارك التجسيم فقد جمعت إلى فساد الاعتقاد الكذب ، وإن صدقت في زعمك فقد لبست عليك نفسك وخيلت لك فرقا أو كان عندك فرق الله أعلم به ، هذا في الباطن الذي أمره إلى الله في الآخرة وأما في الدنيا فإن في قبول قولك عندنا نظرا فإن قبل أو لم يقبل ـ وإن كنا لم نقل بالتكفير ولا بالقتل ـ فلا أقل من القدر الذي ينكف به ضررك عن المسلمين. وهذه الأشياء التي ذكرناها هي عند أهل اللغة أجزاء لا أوصاف ، فهي صريحة في التركيب والتركيب للأجسام ، فذكرك لفظ الأوصاف تلبس وكل أهل اللغة لا يفهمون من الوجه والعين (١) والجنب والقدم إلا الأجزاء ولا
__________________
ـ صاحبتها شأنا ليس لها مع كلمة أخرى ، فمن جمع ما فرقه الله سبحانه في كتابه من الصفات العليا أو فرق ما جمعه فقد خان الله حيث جعل صفات الله سبحانه عرضة لتقولات المتقولين من أصحاب الأهواء وكذلك ما ورد في السنة من الصفات والأفعال. وكم بين المجسمة من ألّف فيما يسمونه التوحيد أو السنة أو الصفات أبوابا في اليد والعين والساعد والأصبع واليمين والذراع والكف والجنب والقدم والحقو والصدر ونحوها. جمعا لما تفرق في الروايات المختلفة لمختلف الرواة لهوى في نفوسهم ، وليس تفريق المجموع جمع الفرق في هذا الباب من شأن من يخافه سبحانه ، وأنت علمت معاني تلك الصفات على مذهب أهل الحق.
قول السلف في العين واليد
(١) ومن ذكر من السلف أن العين واليد صفتان تبرأ بهذا اللفظ عن القول بالجارحة بل يكون قائلا بأن المراد بالعين معنى قائم بالله وكذلك اليد لكن لا أعين ذلك المعنى المراد بأن أقول إنه الرؤية أو الحفظ ، والقدرة أو النعمة أو العناية الخاصة لكون تعيين المراد من بين المحتملات الموافقة للتنزيه تحكما على مراد الله وتسميته لهما صفتين تدل على أنه جازم بأنهما ليستا من قبيل أجزاء الذات تعالى الله عن ذلك ، ومن قال وله يد بها يبطش وعين بها يرى جعلهما من قبيل الجوارح وخالف السلف الصالح. وقد قال الترمذي عند الكلام على حديث «يمين الرّحمن ملأى سخاء ...» وهذا حديث قد روته الأئمة نؤمن به كما جاء من غير أن يفسر أو يتوهم ، هكذا قال غير واحد من الأئمة منهم الثوري ومالك بن أنس وابن عيينة وابن المبارك أنه تروى هذه الأشياء ويؤمن بها فلا يقال كيف اه».
خداع الناظم وشيخه
وأين هذا من عمل الناظم وشيخه؟ نعم قد يقع في كلامهما ذكر الوجه والعين واليد وغيرها بأنها صفات لكن السياق والسباق في كلامهما يناديان أنهما أرادا بها أجزاء الذات لا المعاني