فصل
افتراؤهم المثلث على الأشعرية
قال :
إنا تحملنا الشهادة بالذي |
|
قلتم نؤديها لدى الرّحمن |
ما عندكم في الأرض (١) قرآن |
|
كلام الله حقا يا أولي العدوان |
كلا ولا فوق السماوات العلى رب (٢) مطاع ولا في القبر (٣) عندكم من يرسل فالروح عندكم عرض قائم بجسم الحي ، وكذا صفات الحي قائمة به مشروطة بالحياة ، فإذا انتفت الحياة انتفى مشروطها ورسالة المبعوث مشروطة بها كصفاته بالعلم والإيمان فإذا انتفت تلك الحياة فكل مشروط بها عدم».
قوله ما في الأرض قرآن شهادة زور ونحن نطلق القرآن على ما في المصحف وهو إن كان لا يطلقه عليه لزمه ما ألزمنا وإن كان يقول إنه في المصحف حقيقة فهو قد قال فيما تقدم إن الصوت من العبد مخلوق فالخط بطريق الأولى وعندنا أن القرآن مكتوب في المصاحف ولهذا يحرم على المحدث حمل المصحف ومتلو بالألسنة ومحفوظ في الصدور.
__________________
(١) تلك الثلاثة هي أقانيم اختلاقهم على الأشعري وأصحابه ، لهج بها أبو نصر الوائلي السجزي صاحب الإبانة وابن مت صاحب ذم الكلام ومن تابعهما في البهت على أئمة الدين. ومن قال إن القرآن القائم بالله في الأرض فهو حلولي زائغ وهذا ظاهر جدا.
(٢) نعم هم لا يعتقدون صنما متمكنا بمكان وإنما يؤمنون بإله العالمين الذي ليس كمثله شيء ، وله الأسماء الحسنى ، تعالى الله عما يقول الجاهلون من الجاهلية بعد الإسلام.
(٣) وقال إمام الحرمين فيما ردّ به على السجزي ، السابق ذكره في مقدمة المصنف : ما كنت أظن أن هذا الجاهل يبلغ حمقه وخرقه هذا المبلغ (وهو زعمه أن من مذهب الأشعرية أن النبوة عرض لا يبقى زمانين وإذا مات النبي زالت نبوته (وهذا الذي حكاه لم يقل به قائل ولم ينقله قبله ناقل ولو سئل هذا الأحمق عن النبوة وحقيقتها ومعناها لتبلد في غمه وتردد في غيه ولم يتمسك إلا بدهش الحيرة كما نسب إليها غيره فليست النبوة عرضا من الأعراض باتفاق من المحققين وإطباق من المحصلين ـ ثم ذكر الدليل على أن النبوة ليست عرضا ثم قال ـ فبطل المصير إلى أن النبوة عرض ووجب القضاء بأن النبوة هي حكم الله تعالى برسالة رسول وإخباره عن سفارته وأمره إياه بتبليغ الشرائع وشرع الأحكام وقد حكم الله تعالى بنبوة الأنبياء عليهمالسلام في حياتهم وبعد مماتهم وكونهم مرسلين ، وعلم ذلك منهم في السابقة والعاقبة فهذا مذهب أهل الحق ودينهم ، فعلى من يصفهم بغير ذلك لعنة الله ولعنة الملائكة والناس أجمعين. انتهى ما ذكره إمام الحرمين وهو نص ما نقله اللبلي عنه.