فصل
أنكر فيه على خصومه تكفيرهم إياه وقال : «اسمع إذن يا منصفا حكميهما وانظر إذن هل يستوي الحكمان ، هم عندنا قسمان أهل جهالة ومعاند فالمعاند كافر والجاهل نوعان أحدهما متمكن من العلم فهو فاسق وفي كفره قولان ، والوقف عندي فيهم لست الذي بالكفر أنعتهم ولا الإيمان ، والله أعلم بالبطانة منهم لكنهم مستوجبون عقابه قطعا لأجل البغي والعدوان ، النوع الثاني عاجز عن بلوغ الحق مع قصد وإيمان وهم ضربان أحدهما قوم دهاهم حسن ظنهم بشيوخهم فمعذورون إن لم يظلموا أو يكفروا والآخرون طالبون للحق لكن صدهم عن علمه شيئان أحدهما طلب الحقائق من سوى أبوابها فأولاء بين الذنب والأجرين فانظر إلى أحكامنا فيهم وأحكامهم فينا».
انتهى كلامه ، وهو كلام من يعتقد أن خصومه خارجون بتكفيره وخصومه يقولون لا تكفر أحدا من أهل القبلة.
فصل
في أذان أهل السنة بصريحها جهرا على رءوس منابر الإسلام
قال : «شبهتم الرّحمن بالأوثان (١) في عدم الكلام هم أهل تعطيل وتشبيه معا
__________________
(١) ناحت العجل بل من قال إن كلام معبوده حرف وصوت قائمان به فهو الذي نحت عجلا : «لا يحل لمسلم أن يعتقد أن كلام الله صوت وحرف لا من طريق العقل ولا من طريق الشرع ، فأما طريق العقل فلأنه الصوت والحرف مخلوقان محصوران ، وكلام الله يجل عن ذلك كله وأما من طريق الشرع فلأنه لم يرد في كلام الله صوت وحرف من طريق صحيحة ولهذا لم نجد طريقا صحيحة لحديث ابن أنيس وابن مسعود اه».
وأنت تعلم مبلغ استبحار ابن العربي في الحديث وجزء الصوت للحافظ أبي الحسن المقدسي لا يدع أي متمسك في الروايات في هذا الصدد لهؤلاء الزائغين ومن رأى نصوص فتاوى العز بن عبد السلام وابن الحاجب والجمال الحصيري والعلم السخاوي ومن قبلهم ومن بعدهم من أهل الحق كما هو مدوّن في نجم المهتدي ودفع الشبه وغيرهما يعلم مبلغ الخطورة في دعوى أن كلام الله حرف وصوت قائمان به تعالى وقد سبق نقل بعض النصوص منها ولا تصح نسبة الصوت إلى الله إلا نسبة ملك وخلق لكن هؤلاء السخفاء رغم تضافر البراهين ضدهم ودثور الآثار التي يريدون البناء عليها يعاندون الحق ويظنون أن كلام الله من قبيل كلام البشر الذي هو كيفية اهتزازية تحصل للهواء من ضغطه باللهاة واللسان ، تعالى الله عن ذلك ، ويدور أمرهم بين التشبيه بالصنم أو التشبيه بابن آدم (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) [الأعراف : ١٧٩].