باب في القدر
قال : حدثنا علي (١) بن أحمد عن نصير بن يحيى قال : سمعت أبا مطيع يقول : قال أبو حنيفة رضي الله عنه : حدثنا حماد عن إبراهيم ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكا يكتب عليه رزقه وأجله وشقي أم سعيد ، والذي لا إله غيره إن الرجل ليعمل عمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجن فيموت فيدخلها ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل النار فيموت فيدخلها».
قلت : فما تقول فيمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيتبعه على ذلك ناس فيخرج على الجماعة هل ترى ذلك؟ قال : لا. قلت : ولم وقد أمر الله تعالى ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذا فريضة واجبة؟ فقال : هو كذلك لكن ما يفسدون من ذلك يكون أكثر مما يصلحون ، من سفك الدماء واستحلال المحارم وانتهاك الأموال. وقد قال الله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) [الحجرات : ٩] قلت : فنقاتل الفئة الباغية بالسيف؟ قال : نعم. تأمر وتنهى فإن قبل وإلا قاتلته ، فتكون مع الفئة العادلة وإن كان الإمام جائرا.
لقول النبي عليه الصلاة والسلام : «لا يضركم جور من جار ولا عدل من عدل ، لكم أجركم وعليه وزره» (٢). قلت له : ما تقول في الخوارج المحكمة؟ قال : هم أخبث الخوارج ، قلت له : أنكفرهم؟ قال : لا. ولكن نقاتلهم على ما قاتلهم الأئمة من أهل الخير : علي وعمر بن عبد العزيز. قلت : فإن الخوارج يكبّرون ويصلّون ويتلون القرآن أما تذكر حديث أبي أمامة رضي الله عنه حين دخل مسجد دمشق فإذا
__________________
(١) هو الفارسي شيخ شيخ الختلي في السند (ز).
(٢) وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة لكن هذا اللفظ لم أجده فلعله رواية بالمعنى (ز).