بسم الله الرّحمن الرّحيم
قال القاضي الإمام السعيد ، سيف السنّة ، ولسان الأمة ، أبو بكر : محمد بن الطيب بن محمد رضي الله عنه.
الحمد لله ذي القدرة والجلال ، والعظمة والكمال. أحمده على سوابغ الإنعام وجزيل الثواب ، وأرغب إليه في الصلاة على نبيه محمد المختار وعلى آله الأبرار وصحابته الأخيار ، والتابعين لهم بإحسان [إلى يوم القرار] (١).
أما بعد : فقد وقفت على ما التمسته الحرة الفاضلة الديّنة ـ أحسن الله توفيقها ـ لما تتوخاه من طلب الحق ونصرته ، وتنكب الباطل وتجنبه. واعتماد القربة باعتقاد المفروض في أحكام الدين. واتباع السلف الصالح من المؤمنين ، من ذكر جمل ما يجب على المكلفين اعتقاده ، ولا يسع الجهل به ، وما إذا تدين به المرء صار إلى التزام الحق المفروض ، والسلامة من البدع والباطل المرفوض. وإني بحول الله تعالى وعونه ، ومشيئته وطوله ، أذكر لها جملا مختصرة تأتي على البغية من ذلك ، ويستغنى بالوقوف عليها عن الطلب ، واشتغال الهمة بما سواه. فنقول وبالله التوفيق :
إن الواجب على المكلف :
١ ـ أن يعرف بدء الأوائل والمقدمات التي لا يتم له النظر في معرفة الله عزوجل وحقيقة توحيده ، وما هو عليه من صفاته التي بان بها عن خلقه ، وما لأجل حصوله عليها استحق أن يعبد بالطاعة دون عباده. فأول ذلك القول في العلم وأحكامه ومراتبه ، وأن حده : أنه معرفة المعلوم على ما هو به ، فكل علم معرفة وكل معرفة علم.
٢ ـ وأن يعلم أن العلوم تنقسم قسمين : قسم منهما : علم الله سبحانه ، وهو صفته لذاته ، وليس بعلم ضرورة ولا استدلال ، قال الله تعالى : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ)
__________________
(١) تنبيه : الكلمات الموجودة بين أقواس مربعة هي من تصحيح الإمام الكوثري.