[النّساء : ١٦٦] وقال : (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) [فاطر : ١١] وقال : (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) [هود : ١٤] فأثبت العلم لنفسه ، ونص على أنه صفة له في نص كتابه.
والقسم الآخر : علم الخلق. وهو ينقسم قسمين : فقسم منه علم اضطرار ، والآخر علم نظر واستدلال : فالضروري ما لزم أنفس الخلق لزوما لا يمكنهم دفعه والشك في معلومه ؛ نحو العلم بما أدركته الحواس الخمس ، وما ابتدئ في النفس من الضرورات.
والنظري منهما : ما احتيج في حصوله إلى الفكر والروية ، وكان طريقه النظر والحجة. ومن حكمه جواز الرجوع عنه والشك في متعلقه.
وجميع العلوم الضرورية تقع للخلق من ستة طرق : فمنها : درك الحواس الخمس ، وهي : حاسة الرؤية ، وحاسة السمع ، وحاسة الذوق ، وحاسة الشم ، وحاسة اللمس وكل مدرك بحاسة من هذه الحواس من جسم ، ولون ، وكون ، وكلام ، وصوت ، ورائحة ، وطعم ، وحرارة ، وبرودة ، ولين ، وخشونة ، وصلابة ، ورخاوة فالعلم به يقع ضرورة. والطريق السادس : هو العلم المبتدأ في النفس ، لا عن درك ببعض الحواس ، وذلك نحو علم الإنسان بوجود نفسه ، وما يحدث فيها وينطوي عليها من اللذة ، والألم ، والغم ، والفرح ، والقدرة ، والعجز ، والصحة ، والسقم. والعلم بأن الضدين لا يجتمعان ، وأن الأجسام لا تخلو من الاجتماع والافتراق ، وكل معلوم بأوائل العقول ، والعلم بأن الثمر لا يكون إلا من شجر ، أو نخل ، وأن اللبن لا يكون إلا من ضرع وكل ما هو مقتضى العادات.
وكل ما عدا هذه العلوم وهو علم استدلال لا يحصل إلا عن استئناف الذكر والنظر وتفكر بالنظر والعقل فمن جملة هذه الضرورات العلم بالضرورات الواقعة بأوائل العقول ، ومقتضى العادات التي لا تشارك ذوي العقول في علمها البهائم ، والأطفال والمنتقصون ؛ نحو العلم الواقع بالبديهة ، ومتضمن كثير من العادات ، ونحو العلم بأن الاثنين أكثر من الواحد ، وأن الضدين لا يجتمعان ، وأمثال ذلك من موجب العادات وبداءة العقول التي لا يخص بعلمها العاقلون.
٣ ـ وأن يعلم أن الاستدلال هو : نظر القلب المطلوب به علم ما غاب عن الضرورة والحس ، وأن الدليل هو : ما أمكن أن يتوصل بصحيح النظر فيه إلى معرفة ما لا يعلم باضطراره ، وهو على ثلاثة أضرب : عقلي : له تعلق بمدلوله ، نحو دلالة