(مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤) إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦)
عربيين ، وإنّما قيل نزّل الكتاب وأنزل التوراة والإنجيل لأنّ القرآن نزل منجما ونزل الكتابان جملة.
٤ ـ (مِنْ قَبْلُ) من قبل القرآن (هُدىً لِلنَّاسِ) لقوم موسى وعيسى عليهالسلام (١) ، أو لجميع النّاس (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) أي جنس الكتب لأنّ الكلّ يفرق بين الحقّ والباطل ، أو الزبور ، أو كرر ذكر القرآن بما هو نعت له تفخيما لشأنه (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) من كتبه المنزّلة وغيرها (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) ذو عقوبة شديدة لا يقدر على مثلها منتقم.
٥ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) أي في العالم ، فعبر عنه بالسماء والأرض ، أي هو مطلع على كفر من كفر وإيمان من آمن وهو مجازيهم عليه.
٦ ـ (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) من الصور المختلفة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ) في سلطانه (الْحَكِيمُ) في تدبيره ، روي (٢) أنّه قدم وفد بني نجران وهم ستون راكبا ، أميرهم العاقب (٣) وعمدتهم السيد (٤) ، وأسقفهم وحبرهم أبو حارثة (٥) خاصموا في أنّ عيسى إن لم يكن ولدا لله فمن أبوه؟ فقال عليهالسلام : (ألستم تعلمون أنّه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه)؟ قالوا : بلى ، قال : (ألم تعلموا أنّ الله تعالى حي لا يموت وعيسى يموت ، وأنّ ربنا قيم على العباد يحفظهم ويرزقهم وعيسى لا يقدر على ذلك ، وأنّه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وعيسى لا يعلم إلا ما علّم ، وأنّه صوّر عيسى في الرحم كيف شاء فحملته أمّه ووضعته وأرضعته وكان يأكل ويحدث وربّنا منزه عن ذلك كلّه) فانقطعوا ، فنزل فيهم صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية (٦).
__________________
(١) ليس في (ظ) و(ز) عليهماالسلام.
(٢) رواه ابن جرير في تفسيره ، وفي (ز) روي أنه لما قدم.
(٣) العاقب : اسمه عبد المسيح.
(٤) السيد : اسمه الأيهم.
(٥) أبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل.
(٦) رواه الطبري بنحوه وأتم منه.