(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣) لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١٦٤)
وبضم الياء وفتح الغين غيرهم ، يقال غلّ شيئا من المغنم غلولا وأغلّ إغلالا إذا أخذه في خفية ، ويقال أغلّه إذا وجده غالا ، والمعنى وما صحّ له ذلك ، يعني أنّ النبوة تنافي الغلول ، وكذا من قرأ على البناء للمفعول فهو راجع إلى هذا ، لأنّ معناه وما صحّ له أن يوجد غالا ولا يوجد غالا إلّا إذا كان غالا ، روي أنّ قطيفة حمراء فقدت يوم بدر مما أصيب من المشركين ، فقال بعض المنافقين لعلّ رسول الله (١) أخذها ، فنزلت الآية (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي يأت بالشيء الذي غلّه بعينه حاملا (٢) على ظهره كما جاء في الحديث ، أو يأت بما احتمل من وباله وإثمه (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) تعطى جزاءها وافيا ، ولم يقل ثم يوفّى ما كسب ليتصل بقوله ومن يغلل ، بل جيء بعامّ ليدخل تحته كلّ كاسب من الغالّ وغيره فاتصل به من حيث المعنى وهو أبلغ ، لأنّه إذا علم الغالّ أنّ كلّ كاسب خيرا أو شرا مجزى فموفّى جزاءه علم أنّه غير متخلّص من بينهم مع عظم ما اكتسب (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي جزاء كلّ على قدر كسبه.
١٦٢ ـ (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) أي رضا الله ، قيل هم المهاجرون والأنصار (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) وهم المنافقون والكفار (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) المرجع.
١٦٣ ـ (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) وهم متفاوتون كما تتفاوت الدرجات ، أو ذوو درجات ، والمعنى تفاوت منازل المثابين منهم ومنازل المعاقبين ، أو التفاوت بين الثواب والعقاب (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) عالم بأعمالهم ودرجاتها فيجازيهم على حسبها.
١٦٤ ـ (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) على من آمن مع رسول الله عليهالسلام (٣) من قومه ، وخصّ المؤمنين منهم لأنّهم هم المنتفعون بمبعثه (إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) من جنسهم عربيا مثلهم ، أو من ولد إسماعيل كما أنّهم من ولده ، والمنة في ذلك من حيث أنّه إذا كان منهم كان اللسان واحدا فسهل (٤) أخذ ما يجب عليهم أخذه
__________________
(١) زاد في (ظ) و(ز) صلىاللهعليهوسلم.
(٢) زاد في (ز) له.
(٣) زيادة في (أ).
(٤) في (ظ) و(ز) فيسهل.