عندهم في الصّلاة ، وقراء مكّة والكوفة على أنّها آية من الفاتحة ومن كلّ سورة وعليه (١) الشّافعي (٢) وأصحابه رحمهمالله ولذا يجهرون بها في الصّلاة وقالوا : قد أثبتها السّلف في المصحف مع الأمر بتجويد القرآن ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : من تركها فقد ترك مائة وأربع عشرة آية من كتاب الله. وكذا (٣) حديث أبي هريرة (٤) قال : سمعت النّبيّ عليهالسلام يقول : (قال الله تعالى قسمت الصّلاة ـ أي الفاتحة ـ بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، قال الله تعالى (٥) : حمدني عبدي ، وإذا قال : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، قال الله تعالى (٦) : أثنى عليّ عبدي ، وإذا قال : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، قال : مجّدني عبدي ، وإذا قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) ، قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل). فالابتداء بقوله الحمد لله دليل على أنّ التسمية ليست من الفاتحة ، وإذا لم تكن من الفاتحة لا تكون من غيرها إجماعا ، والحديث مذكور في صحاح «المصابيح» (٧) ، وما ذكروا لا يضرّنا لأنّ التّسمية آية من القرآن أنزلت للفصل بين السّور عندنا ذكره فخر الإسلام في «المبسوط» (٨) ، وإنّما يردّ علينا أن لو لم نجعلها آية من القرآن ، وتمام تقريره في «الكافي» (٩) وتعلقت الباء بمحذوف تقديره باسم الله أقرأ أو أتلو ، لأنّ الذي يتلو التّسمية مقروء ، كما أنّ المسافر إذا حلّ وارتحل فقال باسم الله والبركات ، كان المعنى باسم الله أحلّ وباسم الله أرتحل ، وكذا الذّابح وكلّ فاعل يبدأ في فعله باسم الله كان مضمرا ما جعل التّسمية مبدأ له ، وإنّما قدّر المحذوف متأخرا لأنّ الأهمّ من الفعل
__________________
(١) في (ظ) وعند.
(٢) الشافعي : هو الإمام محمد بن إدريس القرشي المطّلبي ولد عام ١٥٠ ه ومات عام ٢٠٤ ه ، ومذهبه أحد مذاهب أهل السنة والجماعة المعتمدة (الأعلام ٦ / ٢٦).
(٣) في (ز) ولنا.
(٤) أبو هريرة : هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي على الأشهر ، صحابي ، أخذ الفقه عن عبد الله بن عمرو بن العاص ولد عام ٢١ ق. ه وتوفي عام ٥٩ ه (الأعلام ٣ / ٣٠٨).
(٥ و ٦) ليست في (أ).
(٧) المصابيح : أي كتاب «مصابيح السنة» للإمام البغوي (ت ٥١٠ ه).
(٨) فخر الإسلام : هو أحمد بن الحسين بن مهران النيسابوري ، أبو بكر ، إمام عصره في القراءات ولد عام ٢٩٥ ه ومات عام ٣٨١ ه ، وكتابه «المبسوط في القراءات العشر» (غاية النهاية ١ / ٤٩).
(٩) الكافي : أي كتابه «الكافي» شرح كتاب آخر له هو «الوافي» في الفروع.