رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (١٩٤) فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) (١٩٥)
(مَعَ الْأَبْرارِ) مخصوصين بصحبتهم معدودين في جملتهم ، والأبرار المتمسكون بالسّنّة ، جمع برّ أو بارّ كربّ وأرباب وصاحب وأصحاب.
١٩٤ ـ (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) أي على تصديق رسلك ، أو ما وعدتنا منزلا على رسلك ، أو على ألسنة رسلك ، وعلى متعلقة (١) بوعدتنا والموعود هو الثواب أو النصرة على الأعداء ، وإنّما طلبوا إنجاز ما وعد الله والله لا يخلف الميعاد لأنّ معناه طلب التوفيق فيما يحفظ عليهم أسباب إنجاز الميعاد ، أو المراد اجعلنا ممن لهم الوعد إذ الوعد غير مبيّن لمن هو ، أو المراد ثبتنا على ما يوصلنا إلى عداتك (٢) ، يؤيده قوله : (وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ) أو هو إظهار للخضوع والضّراعة (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) هو مصدر بمعنى الوعد.
١٩٥ ـ (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) أي أجاب ، يقال استجاب له واستجابه (أَنِّي) بأنّي (لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ) منكم صفة لعامل (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) بيان لعامل (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) الذّكر من الأنثى والأنثى من الذّكر كلكم بنو آدم ، أو بعضكم من بعض في النصرة والدّين ، وهذه جملة معترضة بيّنت بها شركة النساء مع الرجال فيما وعد الله به عباده العاملين ، عن جعفر الصادق (٣) رضي الله عنه من حزبه أمر فقال خمس مرات : ربّنا ، أنجاه الله مما يخاف وأعطاه ما أراد ، وقرأ الآيات (فَالَّذِينَ هاجَرُوا) مبتدأ وهو تفصيل لعمل العامل منهم على سبيل التعظيم له ، كأنّه قال فالذين عملوا هذه الأعمال السّنية الفائقة ، وهي المهاجرة عن أوطانهم فارين إلى الله بدينهم إلى حيث يأمنون عليه ، فالهجرة كائنة في آخر الزمان كما كانت في أول الإسلام (وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) التي ولدوا فيها ونشأوا (وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي) بالشتم والضرب
__________________
(١) في (ز) متعلق.
(٢) في (ز) عدتك.
(٣) جعفر الصادق : هو الإمام جعفر بن محمد بن علي زين العابدين بن الحسين السبط ، أبو عبد الله الملقب بالصادق ، سادس الأئمة الانثي عشر عند الإمامية ، ولد عام ٨٠ ه وتوفي عام ١٤٨ ه (الأعلام ٢ / ١٢٦).