(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥) وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (٦)
عسلا فليشربه بماء السماء فيجمع الله له هنيئا ومريئا وشفاء ومباركا.
٥ ـ (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ) المبذرين أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا قدرة لهم على إصلاحها وتثميرها والتصرف فيها ، والخطاب للأولياء ، وأضاف إلى الأولياء أموال السفهاء بقوله (أَمْوالَكُمُ) لأنّهم يلونها ويمسكونها (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) أي قواما لأبدانكم ومعاشا لأهلكم وأولادكم. قيما بمعنى قياما نافع وشامي ، كما جاء عوذا بمعنى عياذا ، وأصل قيام قوام فجعلت الواو ياء لانكسار ما قبلها وكان السلف يقولون : المال سلاح المؤمن ولأن أترك مالا يحاسبني الله عليه خير من أن أحتاج إلى الناس ، وعن سفيان ـ وكان له بضاعة يقلّبها ـ لولاها لتمندل (١) بي بنو العباس (وَارْزُقُوهُمْ فِيها) واجعلوها مكانا لرزقهم بأن تتجروا فيها وتربحوا ، حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال فيأكلها الإنفاق (وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) قال ابن جريج : عدة جميلة إن صلحتم ورشدتم سلمنا إليكم أموالكم. وكلّ ما سكنت إليه النفس لحسنه عقلا أو شرعا من قول أو عمل فهو معروف وما أنكرته لقبحه فهو منكر.
٦ ـ (وَابْتَلُوا الْيَتامى) واختبروا عقولهم وذوقوا أحوالهم ومعرفتهم بالتصرف قبل البلوغ ، فالابتلاء عندنا أن يدفع إليه ما يتصرف فيه حتى تتبين حاله فيما يجىء منه ، وفيه دليل على جواز إذن الصبي العاقل في التجارة (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) أي الحلم لأنّه يصلح للنكاح عنده ، ولطلب ما هو مقصود به وهو التوالد (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ) تبيّنتم (رُشْداً) هداية في التصرفات وصلاحا في المعاملات (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) من غير تأخير عن حدّ البلوغ ، ونظم هذا الكلام أنّ ما بعد حتى إلى فادفعوا إليهم أموالهم جعل غاية للابتلاء ، وهي حتى التي تقع بعدها الجمل كالتي في قوله : حتى ماء دجلة أشكل (٢). والواقعة بعدها جملة شرطية لأنّ إذا متضمنة معنى الشرط ، وفعل الشرط بلغوا النكاح ، وقوله : فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم جملة من شرط
__________________
(١) تمندل : تمسّح (قاموس ٤ / ٥٦).
(٢) هذا من عجز بيت لجرير صدره : فما زالت القتلى تمج دماءها* بدجلة ...