والمتعلّق به هو المتعلّق به (١) ، وكانوا يبدأون بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللّات وباسم العزّى ، فوجب أن يقصد الموحّد معنى اختصاص اسم الله عزوجل بالابتداء ، وذا بتقديمه وتأخير الفعل ، وإنّما قدّم الفعل في اقرأ باسم ربّك لأنّها أوّل سورة نزلت في قول ، وكان الأمر بالقراءة أهمّ ، فكان تقديم (٢) الفعل أوقع ، ويجوز أن يحمل اقرأ على معنى افعل القراءة وحقّقها كقولهم فلان يعطي ويمنع ، غير متعد إلى مقروء به ، وأن يكون باسم ربك مفعول اقرأ الذي بعده ، واسم الله يتعلّق بالقراءة تعلّق الدّهن بالانبات في قوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) (٣) على معنى متبركا باسم الله أقرأ ، ففيه تعليم عباده كيف يتبرّكون باسمه ، وكيف يعظّمونه.
وبنيت الباء على الكسر لأنّها تلازم الحرفيّة والجرّ فكسرت لتشابه حركتها عملها ، والاسم من الأسماء التي بنوا أوائلها على السّكون كالابن والابنة وغيرهما فإذا نطقوا بها مبتدئين زادوا همزة تفاديا عن الابتداء بالسّاكن تعذرا ، وإذا وقعت في الدّرج لم يفتقر إلى زيادة شيء ، ومنهم من لم يزدها واستغنى عنها بتحريك الساكن ، فقال سم ، وسم ، وهو من الأسماء المحذوفة الأعجاز كيد ودم وأصله سمو بدليل تصريفه كأسماء وسمى وسميت واشتقاقه من السّمو وهو الرفعة ، لأنّ التّسمية تنوية بالمسمّى وإشادة بذكره ، وحذفت الألف في الخطّ هنا ، وأثبتت في قوله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (٤) لأنّه اجتمع فيها ـ أي في التّسمية (٥) ـ مع أنّها تسقط في اللّفظ لكثرة الاستعمال ، وطوّلت الباء عوضا عن حذفها ، وقال عمر بن عبد العزيز (٦) لكاتبه : طوّل الباء وأظهر السينات ودور الميم. والله أصله الإله ، ونظيره النّاس أصله الأناس ، حذفت الهمزة وعوّض منها حرف التعريف ، والإله من أسماء الأجناس يقع على كل معبود بحق أو باطل ، ثم غلب على المعبود بالحقّ ، كما أن النّجم اسم لكلّ كوكب ، ثم غلب على الثّريّا وأمّا الله بحذف الهمزة فمختص بالمعبود بالحقّ لم يطلق على غيره ، وهو اسم غير صفة لأنّك تصفه ولا تصف به ، لا تقول شيء إله كما لا تقول شيء رجل ، وتقول الله (٧) واحد صمد ، ولأنّ صفاته تعالى لا بدّ لها من موصوف تجري عليه ، فلو جعلتها كلّها صفات لبقيت صفات غير جارية على اسم موصوف بها
__________________
(١) ليس في (أ) هو المتعلّق به.
(٢) ليست في (أ).
(٣) المؤمنون ، ٢٣ / ٢٠.
(٤) العلق ، ٩٦ / ١.
(٥) زيادة في (ز).
(٦) عمر بن عبد العزيز : أمير المؤمنين ، خامس الخلفاء الراشدين ولد عام ٦١ ه ومات عام ١٠١ ه وأفقه وأعلم خلفاء بني أمية رضي الله عنه. (الأعلام ٥ / ٥٠).
(٧) ليست في (أ).