(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٦)
عند السّامع ، وأحسن تطرية (١) لنشاطه ، وأملأ باستدرار إصغائه (٢) ، وقد تختص مواقعه بفوائد ولطائف قلما (٣) تتضح إلا للحذّاق المهرة ، والعلماء النحارير وقليل ما هم ، ومما اختص به هذا الموضع أنّه (٤) لما ذكر الحقيق بالحمد والثّناء ، وأجرى عليه تلك الصفات العظام تعلّق العلم بمعلوم (٥) عظيم الشأن ، حقيق بالثناء ، وغاية الخضوع والاستعانة في المهمات ، فخوطب ذلك المعلوم المتميز بتلك الصفات ، فقيل إيّاك يا من هذه صفاته نعبد ونستعين لا غيرك ، وقدّمت العبادة على الاستعانة لأن تقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة أقرب إلى الإجابة ، أو لنظم الآي كما قدّم الرّحمن ، وإن كان الأبلغ لا يقدّم ، وأطلقت الاستعانة لتتناول كلّ مستعان فيه ، ويجوز أن يراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة (٦) ، ويكون قوله : إهدنا بيانا للمطلوب من المعونة ، كأنّه قيل كيف أعينكم؟ فقالوا :
٦ ـ (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أي ثبّتنا على المنهاج الواضح ، كقولك للقائم : قم حتى أعود إليك ، أي اثبت على ما أنت عليه ، أو اهدنا في الاستقبال كما هديتنا في الحال ، وهدى يتعدّى إلى مفعول بنفسه (٧) فأمّا تعديه إلى مفعول آخر فقد جاء (٨) متعديا إليه بنفسه ، في هذه الآية (٩) ، وقد جاء متعديا باللام وبإلى كقوله تعالى : (هَدانا لِهذا) (١٠) وقوله : (هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١١) والسراط : الجادة من سرط الشيء إذا ابتلعه ، كأنه يسرط السّابلة إذا سلكوه ، والصّراط من قلب السّين صادا لتجانس الطاء في الإطباق ، لأن الصاد والضاد والطاء والظاء حروف (١٢) الإطباق ، وقد تشم الصاد صوت الزّاي لأن الزاي إلى الطّاء أقرب (١٣) ، لأنهما مجهورتان ، وهي قراءة حمزة (١٤) ، ...
__________________
(١) في (ظ) نظرائه.
(٢) في (ظ) ما لما باستلزام إصغائه ، وفي (ز) وأملا لاستلذاذ إصغائه.
(٣) في (ظ) فإنما.
(٤) ليست في (ظ).
(٥) في (ظ) لمعلوم.
(٦) في (ز) العبادات.
(٧) في (ز) يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد.
(٨) ليس في (ظ) متعديا إليه بنفسه كما في هذه الآية.
(٩) في (ز) كهذه.
(١٠) الأعراف ، ٧ / ٤٣.
(١١) الأنعام ، ٦ / ١٦١.
(١٢) في (ز) والظاء من حروف.
(١٣) في (ظ) وقد يسم الصاد صوت الزاي إلى الطاء أقرب.
(١٤) حمزة : هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل التيمي الزيات ، أحد القراء السبعة ،