(وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (١٢٥) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (١٢٦) وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) (١٢٧)
(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) (١).
١٢٥ ـ (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) أخلص نفسه لله وجعلها سالمة له لا يعرف لها ربا ولا معبودا سواه (وَهُوَ مُحْسِنٌ) عامل للحسنات (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) مائلا عن الأديان الباطلة ، وهو حال من المتّبع ، أو من إبراهيم (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) هو في الأصل المخالّ ، وهو الذي يخالّك أي يوافقك في خلالك ، أو يداخلك خلال منازلك (٢) ، أو يسدّ خللك كما يسدّ خلله ، فالخلّة صفاء مودة توجب الاختصاص بتخلّل الأسرار ، والمحبة أصفى لأنها من حبة القلب ، وهي جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب ، كقوله والحوادث جمة ، وفائدتها تأكيد وجوب اتباع ملته (٣) ، لأن من بلغ من الزلفى عند الله أن اتخذه خليلا كان جديرا بأن تتّبع ملته وطريقته ، ولو جعلتها معطوفة على ما قبلها (٤) لم يكن لها معنى ، وفي الحديث : (اتخذ الله إبراهيم خليلا لإطعامه الطعام ، وإفشائه السلام ، وصلاته بالليل والناس نيام) (٥) وقيل أوحي إليه إنما اتخذتك خليلا لأنك تحب أن تعطي ولا تعطى ، وفي رواية لأنك تعطي الناس ولا تسألهم. وفي قوله :
١٢٦ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) دليل على أن اتخاذه خليلا لاحتياج الخليل إليه لا لاحتياجه تعالى إليه لأنه منزه عن ذلك (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) عالما.
١٢٧ ـ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) ويسألونك الإفتاء في النساء ، والإفتاء تبيين المبهم (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ) أي
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ٨٠.
(٢) في (ز) منزلك.
(٣) في (ظ) الملة ، وزاد في (ز) وطريقته.
(٤) في (ز) على الجمل قبلها.
(٥) رواه البيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمر.
وفيه : (لإطعامه الطعام) ، فقط.