(وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (١٢٨)
الله يفتيكم ، والمتلو في الكتاب أي القرآن في معنى اليتامى يعني قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) (١) وهو من قولك أعجبني زيد وكرمه ، وما يتلى في محل الرفع بالعطف على الضمير في يفتيكم ، أو على لفظ الله ، وفي يتامى النساء صلة يتلى أي يتلى عليكم في معناهن ، ويجوز أن يكون في يتامى النساء بدلا من فيهن ، والإضافة بمعنى من (اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَ) ما فرض لهنّ من الميراث ، وكان الرجل منهم يضم اليتيمة إلى نفسه ومالها ، فإن كانت جميلة تزوجها وأكل المال ، وإن كانت دميمة عضلها عن التزوّج حتى تموت فيرثها (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) أي في أن تنكحوهن لجمالهن ، أو عن أن تنكحوهن لدمامتهن (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) أي اليتامى ، وهو مجرور معطوف على يتامى النساء ، وكانوا في الجاهلية إنما يورّثون الرجال القوّام بالأمور دون الأطفال والنساء (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى) مجرور كالمستضعفين بمعنى يفتيكم في يتامى النساء وفي المستضعفين وفي أن تقوموا ، أو منصوب بمعنى ويأمركم أن تقوموا ، وهو خطاب للأئمة في أن ينظروا لهم ويستوفوا لهم حقوقهم (بِالْقِسْطِ) بالعدل في ميراثهم ومالهم (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) شرط جوابه (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) أي فيجازيكم عليه.
١٢٨ ـ (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً) توقعت منه ذلك لما لاح لها من مخايله وأماراته. والنشوز أن يتجافى عنها بأن يمنعها نفسه ونفقته ، وأن يؤذيها بسبّ وضرب (أَوْ إِعْراضاً) عنها بأن يقل محادثتها ومؤانستها بسبب كبر سن ، أو دمامة ، أو شيء (٢) في خلق وخلق ، أو ملال ، أو طموح عين إلى أخرى ، أو غير ذلك (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما) كوفي ، يصّالحا غيرهم ، أي يتصالحا ، وهو أصله ، فأبدلت التاء صادا وأدغمت (صُلْحاً) في معنى مصدر كلّ واحد من الفعلين. ومعنى الصلح أن يتصالحا على أن تطيب له نفسا عن القسمة أو عن بعضها ، أو تهب له بعض المهر أو كله ، أو النفقة (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) من الفرقة ، أو من النشوز ، أو من الخصومة في كل شيء ، أو الصلح خير من الخيور ، كما أن الخصومة شر من الشرور ، وهذه
__________________
(١) النساء ، ٤ / ٣.
(٢) في (ز) أو سوء.