(وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً (١٣٠) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٣٢) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً) (١٣٣)
ويرحمكم فلا يعاقبكم.
١٣٠ ـ (وَإِنْ يَتَفَرَّقا) أي إن لم يصطلح الزوجان على شيء ، وتفرقا بالخلع ، أو بتطليقه إياها ، وإيفائه مهرها ، ونفقة عدتها (يُغْنِ اللهُ كُلًّا) كلّ واحد منهما (مِنْ سَعَتِهِ) من غناه ، أي يرزقه زوجا خيرا من زوجه ، وعيشا أهنأ من عيشه (وَكانَ اللهُ واسِعاً) بتحليل النكاح (حَكِيماً) بالإذن في السراح ، فالسعة الغنى والقدرة ، والواسع الغني المقتدر ، ثم بيّن غناه وقدرته بقوله :
١٣١ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا والمتملكون عبيده رقا (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) هو اسم للجنس ، فيتناول الكتب السماوية (مِنْ قَبْلِكُمْ) من الأمم السالفة ، وهو متعلق بوصينا أو بأوتوا (وَإِيَّاكُمْ) عطف على الذين أوتوا (أَنِ اتَّقُوا اللهَ) بأن اتقوا ، أو تكون أن المفسرة ، لأنّ التوصية في معنى القول ، والمعنى أنّ هذه وصية قديمة ما زال يوصي الله بها عباده لستم بها مخصوصين لأنهم بالتقوى يسعدون عنده (وَإِنْ تَكْفُرُوا) عطف على اتقوا ، لأنّ المعنى أمرناهم وأمرناكم بالتقوى ، وقلنا لهم ولكم إن تكفروا (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا) عن خلقه وعن عبادتهم (حَمِيداً) مستحقا لأن يحمد لكثرة نعمه وإن لم يحمده أحد. وتكرير قوله : لله ما في السماوات وما في الأرض ، تقرير لما هو موجب تقواه ، لأن الخلق لما كان كله له وهو خالقهم ومالكهم فحقه أن يكون مطاعا في خلقه غير معصى ، وفيه دليل على أن التقوى أصل الخير كله ، وقوله : وإن تكفروا ، عقيب التقوى دليل على أنّ المراد الاتقاء عن الشرك.
١٣٢ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) فاتخذوه وكيلا ولا تتكلوا على غيره ، ثم خوّفهم وبيّن قدرته بقوله :
١٣٣ ـ (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) يعدمكم (أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) ويوجد إنسا آخرين مكانكم ، أو خلقا آخرين غير الإنس (وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً) بليغ القدرة.