(مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً (١٣٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (١٣٦)
١٣٤ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا) كالمجاهد يريد بجهاده الغنيمة (فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) فما له يطلب أحدهما دون الآخر ، والذي يطلبه أخسّهما (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً) للأقوال (بَصِيراً) بالأفعال ، وهو وعد ووعيد.
١٣٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) مجتهدين في إقامة العدل حتى لا تجوروا (شُهَداءَ) خبر بعد خبر (لِلَّهِ) أي تقيمون شهاداتكم لوجه الله (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) ولو كانت الشهادة على أنفسكم ، والشهادة على نفسه هي الإقرار على نفسه ، لأنه في معنى الشهادة عليها بإلزام الحق ، وهذا لأن الدعوى والشهادة والإقرار يشترك جميعها في الإخبار عن حق لأحد على أحد ، غير أنّ الدعوى إخبار عن حق لنفسه على الغير ، والإقرار للغير على نفسه ، والشهادة للغير على الغير (أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) أي ولو كانت الشهادة على أبائكم وأمهاتكم وأقاربكم (إِنْ يَكُنْ) المشهود عليه (غَنِيًّا) فلا يمنع الشهادة عليه لغناه طلبا لرضاه (أَوْ فَقِيراً) فلا يمنعها ترحما عليه (فَاللهُ أَوْلى بِهِما) بالغني والفقير أي بالنظر لهما والرحمة ، وإنما ثنّى الضمير في بهما وكان حقه أن يوحد لأن المعنى إن يكن أحد هذين لأنه يرجع إلى ما دل عليه قوله : غنيا أو فقيرا ، وهو جنس الغني والفقير ، كأنه قيل فالله أولى بجنسي الغني والفقير ، أي بالأغنياء والفقراء (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى) إرادة (أَنْ تَعْدِلُوا) عن الحق من العدول ، أو كراهة أن تعدلوا بين الناس من العدل (وَإِنْ تَلْوُوا) بواو واحدة وضم اللام شامي وحمزة ، من الولاية (أَوْ تُعْرِضُوا) أي وإن وليتم إقامة الشهادة أو أعرضتم عن إقامتها. غيرهما تلووا بواوين وسكون اللام من اللّي ، أي وإن تلووا ألسنتكم عن شهادة الحق ، أو حكومة العدل ، أو تعرضوا عن الشهادة بما عندكم وتمنعوها (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) فيجازيكم عليه.
١٣٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) خطاب للمسلمين (آمَنُوا) اثبتوا على الإيمان