يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (١٧٥) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٧٦)
(الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ) والثاني أنّ الإحسان إلى غيرهم مما يغمهم فكان داخلا في جملة التنكيل بهم ، فكأنه قيل ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيعذّب بالحسرة إذا رأى أجور العاملين وبما يصيبه من عذاب الله.
١٧٤ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أي رسول يبهر المنكر بالإعجاز (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) قرآنا يستضاء به في ظلمات الحيرة.
١٧٥ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ) بالله ، أو بالقرآن (فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ) أي جنة (وَفَضْلٍ) زيادة النعمة (وَيَهْدِيهِمْ) ويرشدهم (إِلَيْهِ) إلى الله ، أو إلى الفضل ، أو إلى صراطه (صِراطاً مُسْتَقِيماً) فصراطا حال من المضاف المحذوف.
١٧٦ ـ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) كان جابر بن عبد الله مريضا فعاده رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إني كلالة ، فكيف أصنع في مالي؟ فنزلت (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) ارتفع امرؤ بمضمر يفسره الظاهر ومحل (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) الرفع على الصفة ، أي إن هلك امرؤ غير ذي ولد ، والمراد بالولد الابن وهو مشترك يقع على الذكر والأنثى ، لأن الابن يسقط الأخت ولا تسقطها البنت (وَلَهُ أُخْتٌ) أي لأب وأم أو لأب (فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) أي الميت (وَهُوَ يَرِثُها) أي الأخ يرث الأخت جميع مالها إن قدّر الأمر على العكس من موتها وبقائه بعدها (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) أي ابن لأنّ الابن يسقط الأخ دون البنت ، فإن قلت الابن لا يسقط الأخ وحده فالأب نظيره في الإسقاط فلم اقتصر على نفي الولد؟ قلت : بيّن حكم انتفاء الولد ، ووكّل حكم انتفاء الوالد إلى بيان السنّة وهو قوله عليهالسلام : (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولي عصبة ذكر) (١) والأب أولى من الأخ (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) أي فإن كانت الأختان اثنتين دل على ذلك
__________________
(١) متفق عليه من حديث ابن عباس بلفظ (فلأولي رجل ذكر).