(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢)
٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) جمع شعيرة ، وهي اسم ما أشعر أي جعل شعارا وعلما للنّسك به من مواقف الحج ومرامي الجمار والمطاف والمسعى والأفعال التي هي علامات الحاج يعرف بها من الإحرام والطواف والسعي والحلق والنحر (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) أي شهر الحج (وَلَا الْهَدْيَ) وهو ما أهدي إلى البيت فتقرّب به إلى الله تعالى من النّسائك ، وهي (١) جمع هديّة (وَلَا الْقَلائِدَ) جمع قلادة ، وهي ما قلّد به الهدي من نعل أو عروة مزادة أو لحاء شجر أو غيره (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ولا تحلوا قوما قاصدين المسجد الحرام ، وهم الحجاج والعمّار ، وإحلال هذه الأشياء أن يتهاون بحرمة الشعائر ، وأن يحال بينها وبين المتنسّكين بها ، وأن يحدثوا في شهر الحج ما يصدون به الناس عن الحج ، وأن يتعرّض (٢) للهدي بالغصب أو بالمنع من بلوغ محلّه ، وأما القلائد فجاز أن يراد بها ذوات القلائد وهي البدن ، وتعطف على الهدي للاختصاص ، لأنها أشرف الهدي كقوله : (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) (٣) كأنه قيل والقلائد منها خصوصا ، وجاز أن ينهى عن التعرض لقلائد الهدي مبالغة في النهي عن التعرض للهدي ، أي ولا تحلوا قلائدها فضلا أن تحلوها كما قال : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) (٤) فنهى عن إبداء الزينة مبالغة في النهي عن إبداء مواقعها (يَبْتَغُونَ) حال من الضمير في آمّين (فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ) أي ثوابا (وَرِضْواناً) وأن يرضى عنهم ، أي لا تتعرضوا لقوم هذه صفتهم تعظيما لهم (وَإِذا حَلَلْتُمْ) خرجتم من الإحرام (فَاصْطادُوا) إباحة للاصطياد بعد حظره عليهم بقوله : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا) جرم مثل كسب في تعدّيته إلى مفعول واحد واثنين تقول جرم ذنبا نحو كسبه وجرمته ذنبا نحو كسبته إياه ، وأول المفعولين ضمير المخاطبين ، والثاني أن تعتدوا ، وأن صدوكم متعلق بالشنآن بمعنى العلة وهو شدة البغض ، وبسكون النون شامي وأبو بكر ،
__________________
(١) في (ظ) و(ز) وهو.
(٢) في (ز) يتعرضوا.
(٣) البقرة ، ٢ / ٩٨.
(٤) النور ، ٢٤ / ٣١.