مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين ختم كتبه بالقرآن المبين ، ورسله بمحمد الأمين ، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد.
يعدّ تفسير القرآن الكريم من أدق المهام التي تصدى لها وحملها كوكبة من أئمة المسلمين وعلمائهم للتيسير على عباد الله فهم كتابه ، وإدراك مراميه وغاياته ، والوقوف عند أوامره ونواهيه.
وكان من تلك الكوكبة المباركة من أهل السنة والجماعة الإمام عبد الله بن أحمد النسفي ، رحمهالله ، صاحب «مدارك التنزيل وحقائق التأويل» المعروف بتفسير النسفي ، الذي نحن بصدد تقديمه محققا.
منهج النسفي في التفسير :
حدد الإمام النسفي في مقدمة تفسيره المنهج الذي اتبعه فقال : قد سألني من تتعين إجابته كتابا وسطا في التأويلات ، جامعا لوجوه الإعراب والقراءات ، متضمنا لدقائق علم البديع والإشارات ، حاليا بأقاويل أهل السنة والجماعة ، خاليا عن أباطيل أهل البدع والضلالة ، ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل.
يقول الدكتور محمد أبو شهبة : وهو يعتبر ـ بحق ـ مختصرا لتفسير الكشاف ، غير أنه صانه من الآراء الاعتزالية التي بثها الزمخشري في تفسيره ، وحذف منه طريقة السؤال والجواب في الإفصاح عن وجوه البلاغة ، وأسرار الإعجاز ، وبيان المعاني ، وهي الطريقة التي عرف بها الزمخشري (١).
__________________
(١) الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ محمد بن محمد أبو شهبة ـ ص ١٣٨.