إلا أن الدكتور محمد حسين الذهبي كان أدق في العبارة من أبو شهبة حيث قال : وأورد فيه ما أورده الزمخشري في تفسيره من الأسئلة والأجوبة ، لكن لا على طريقته من قوله : «فإن قيل ... قلت» بل جعل ذلك (في الغالب) كلاما مدرجا في ضمن شرحه للآية (١). فتفسير النسفي مليء بتلك الأسئلة والأجوبة التي غفل عنها الدكتور أبو شهبة.
وفي حين يرى الدكتور الذهبي أن تفسير النسفي : موجز العبارة سهل المأخذ مختصرا من تفسير الكشاف جامعا لمحاسنه متحاشيا لمساوئه ، ومن تفسير البيضاوي حتى أنه ليأخذ عبارته بنصها أو قريبا منها ويضمنها تفسيره.
يرى الدكتور أبو شهبة أن تفسير النفسي جاء كأصله ـ (أي الكشاف) ـ مقلا من ذكر الإسرائيليات. وقد يذكر بعضها وينبه على عدم صحته وقد يذكر بعض الخرافات والموضوعات من قصص وأحاديث لا يفطن إليها (٢).
أما الدكتور الذهبي فيقول : ومما نلحظه على هذا التفسير أنه مقلّ جدا في ذكره للإسرائيليات وما يذكره من ذلك يمر عليه بدون أن يتعقبه أحيانا وأحيانا يتعقبه ولا يرتضيه (٣).
ويقول : ولعله يرى أن كل ما يمس العقيدة من هذا القصص يجب التنبيه على عدم صحته وما لا يمس العقيدة فلا مانع من روايته بدون تعقيب عليه ما دام يحتمل الصدق والكذب في ذاته ولا يتنافى مع العقل أو يتصادم مع الشرع (٤).
وقد التزم الإمام النسفي بالمنهج الذي ارتضاه فجاء تفسيره جامعا بين وجوه الإعراب بدون استطراد أو خوض بالتفاصيل ، وملتزما للقراءات السبع المتواترة مع نسبة كل قراءة إلى قارئها ، ولم يكتف في بعض المواقع بالقراءات السبع بل زاد إلى تسع قراءات كما في قوله تعالى في سورة مريم : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) فعدد تسع قراءات لكلمة تساقط. ومن خلال اختياراته تشكلت للنسفي قراءة خاصة به.
وعند تفسيره لآيات الأحكام يعرض الإمام النسفي المذاهب الفقهية وينتصر
__________________
(١) التفسير والمفسرون ـ محمد حسين الذهبي ـ ١ / ٢٨٩.
(٢) الإسرائيليات والموضوعات ـ ص ١٣٨.
(٣) التفسير والمفسرون ١ / ٢٩٢.
(٤) التفسير والمفسرون ١ / ٢٩٣.