فكيف يدركه بشر ، أو يحيط بكنوزه محيط أو عالم؟ وبهذا يظهر مدى التجافي عن الحقيقة الدامغة فيما يدّعيه بعض أعداء الإسلام من أنّ القرآن من صنع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ القرآن لم يوح إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأكمله ، بل كان يوحى إليه رؤي قصيرة ووصايا ، وأمثال وقصص ذات مغزى ، أو أحاديث في أصول العقيدة.
ويكفينا في ردّ زعم هؤلاء ما صدع به الحقّ تبارك وتعالى في قوله عزّ من قائل : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ) (١).
وقال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : «وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما» (٢).
فإنّ كلمات القرآن وآياته وحروفه وكلّ ما فيه ينطق بأنّه وحي ممّن خلق الأرض والسماوات العلى ، وما خلقته عقول بشر ، أو فاهت به ألسنتهم.
الإعجاز لغة واصطلاحا
المعجز في اللغة له أكثر من معنى إلّا أنّ الأقرب منه إلى الفهم العرفي ما ذكر في أقرب الموارد ، وهو : أعجز فلان فلانا أي صيّره عاجزا (٣).
لكن في مجمع البحرين فسّره بالمعنى المصطلح ، وكأنّه تفسير بالمصداق ، فقال : المعجز : الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوى المقرون بالتحدّي ، وقد ذكر المسلمون للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ألف معجزة منها القرآن (٤).
وقد فقد عرّف بتعاريف مختلفة بعض الشيء باختلاف قيودها.
__________________
(١) العنكبوت : ٥٠.
(٢) نهج البلاغة : ص ١١٢ ، الخطبة ٨٣.
(٣) أقرب الموارد : ج ٣ ، ص ٤٨٢ ، «عجز».
(٤) مجمع البحرين : ج ٤ ، ص ٢٥ ، «عجز».