تأخذ منه دينارا ، وإن قيل فلما ذا لا يقتص في العرض؟ فإذا زنى زان بزوجة زيد كان لزيد أن يزني بزوجة الزاني ، قلنا الفرق واضح ، إذ يكون ذلك اعتداء على بريء هو زوجة الجاني بخلاف القصاص ، فإنه رد اعتداء على نفس المعتدي ، هذا كله بالنسبة إلى الجهة الأولى.
أما الجهة الثانية فالقول بأن الإسلام ليس فيه اقتصاد وسياسة وأمن ، كلام بلا دليل ، فالاقتصاد الإسلامي ليس فيه مضار الاقتصاديات الثلاثة الرأسمالية والشيوعية بفرعيها الاشتراكية والفوضوية «التي تدعي أن لكل نتاجه ، ومن كل عمله» بينما فيه الاقتصاد المعتدل الذي يعطي كل ذي حق حقه ، كما أن السياسة في الإسلام أفضل سياسة ، حيث تجمع بين حكم الله سبحانه والشورى في انتخاب الحاكم ، والأمن موجود في الإسلام لا للكبت بل لجمع المعلومات وإرصاد المخربين وإيقاف المفسدين عند حدهم ، وقد ذكرنا طرفا من هذه المسائل الثلاثة «الاقتصاد والسياسة والأمن» في كتاب «الفقه : الحكم في الإسلام» ولذا فلا نعيد التفاصيل.
وحيث أن القرآن مصدر لكل هذه الأحكام ، حيث بين فيها الخطوط العريضة للحياة السعيدة ، فالقرآن هو الكتاب الوحيد الصالح لتطبيقه في العصر ، وكل كتاب وقانون غير القرآن ليس له هذه الصلاحية ، والظاهر أن العالم أخذ أخذا حثيثا نحو السير إلى القرآن وأحكامه ، لأنه الكتاب الوحيد الصالح للتطبيق بعد أن ظهر فشل ما عداه في تأمين الحياة السعيدة ، فهو مثل الكهرباء بالنسبة إلى النفطيات ، حيث إنها تعطي مكانها للكهرباء ـ تلقائيا ـ طال الزمان أو قصر ، ولذا قال سبحانه (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (١).
__________________
(١) التوبة : ٣٣.