(أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٦٢)
ثم عدّد سبحانه الخيرات والمنافع التي هي آثار رحمته وفضله فقال :
٦٠ ـ (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) والفرق بين أم وأم في أما يشركون وأمن خلق السموات أنّ تلك متصلة إذ المعنى أيهما خير وهذه منقطعة بمعنى بل والهمزة ، ولما قال آلله خير أم الآلهة قال بل أمّن خلق السماوات والأرض خير تقريرا لهم بأنّ من قدر على خلق العالم خير من جماد لا يقدر على شيء (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً) مطرا (فَأَنْبَتْنا) صرف الكلام عن الغيبة إلى التكلّم تأكيدا لمعنى اختصاص الفعل بذاته وإيذانا بأنّ إنبات الحدائق المختلفة الأصناف والألوان والطّعم (١) والأشكال مع حسنها بماء واحد لا يقدر عليه إلا هو وحده (بِهِ) بالماء (حَدائِقَ) بساتين ، والحديقة : البستان وعليه حائط من الإحداق ، وهو الإحاطة (ذاتَ) ولم يقل ذوات لأن المعنى جماعة حدائق كما تقول النساء ذهبت (بَهْجَةٍ) حسن لأنّ الناظر يبتهج به ، ثم رشح معنى الاختصاص بقوله (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) ومعنى الكينونة الانبغاء ، أراد أنّ تأتّي ذلك محال من غيره (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أغيره يقرن به ويجعل شريكا له (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) به غيره أو يعدلون عن الحقّ الذي هو التوحيد ، وبل هم بعد الخطاب أبلغ في تخطئة رأيهم.
٦١ ـ (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ) وما بعده بدل من خلق فكان حكمها حكمه (قَراراً) دحاها وسوّاها للاستقرار عليها (وَجَعَلَ خِلالَها) ظرف أي وسطها وهو المفعول الثاني ، والأول (أَنْهاراً) وبين البحرين مثله (وَجَعَلَ لَها) للأرض (رَواسِيَ) جبالا تمنعها عن الحركة (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ) العذب والمالح (حاجِزاً) مانعا أن يختلطا (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) التوحيد فلا يؤمنون.
٦٢ ـ (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) الاضطرار افتعال من الضرورة وهي الحالة
__________________
(١) في (ظ) و (ز) والطعوم.