(فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨) وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ) (٢٩)
٢٨ ـ (فَلَوْ لا) فهلّا (نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) القربان ما تقرّب به إلى الله تعالى أي اتخذوهم شفعاء متقرّبا بهم إلى الله تعالى حيث قالوا : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) (١) وأحد مفعولي اتخذ الراجع إلى الذين محذوف أي اتخذوهم ، والثاني آلهة ، وقربانا حال (بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) غابوا عن نصرتهم (وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) وذلك إشارة إلى امتناع نصرة آلهتهم وضلالهم عنهم ، أي وذلك أثر أفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة وثمرة شركهم وافترائهم على الله الكذب.
٢٩ ـ (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً) أملناهم إليك وأقبلنا بهم نحوك ، والنفر دون العشرة (مِنَ الْجِنِ) جنّ نصيبين (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) منه عليه الصلاة والسلام (فَلَمَّا حَضَرُوهُ) أي الرسول صلىاللهعليهوسلم أو القرآن أي كانوا منه بحيث يسمعون (قالُوا) أي قال بعضهم لبعض (أَنْصِتُوا) اسكتوا مستمعين.
روي أنّ الجنّ كانت تسترق السمع ، فلما حرست السماء ورجموا بالشّهب ، قالوا : ما هذا إلا لنبأ حدث ، فنهض سبعة نفر أو تسعة من أشراف جنّ نصيبين أو نينوى منهم زوبعة ، فضربوا حتى بلغوا تهامة ، ثم اندفعوا إلى وادي نخلة ، فوافقوا (٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قائم في جوف الليل يصلي أو في صلاة الفجر ، فاستمعوا لقراءته (٣).
وعن سعيد بن جبير : ما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الجنّ ولا رآهم ، وإنما كان يتلو في صلاته ، فمروا به ، فوقفوا مستمعين وهو لا يشعر ، فأنبأه الله باستماعهم (٤). وقيل بل أمر الله (٥) رسوله أن ينذر الجنّ ويقرأ عليهم ، فصرف إليه نفرا منهم ، فقال :
__________________
(١) يونس ، ١٠ / ١٨.
(٢) في (ظ) و (ز) فوافوا.
(٣) متفق عليه بمعناه من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس دون أوله ودون قوله (وكانوا تسعة نفر أحدهم زوبعة) ودون قوله : (في جوف الليل يصلي) ودون قوله : (من نينوى).
(٤) متفق عليه من رواية سعيد بن جبير وهو في الذي قبله.
(٥) في (ظ) و (ز) بل الله أمر.