سورة الحجرات
مدنية وهي ثمان عشرة آية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١)
٤٩ / ١ ١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا) قدّمه وأقدمه منقولان بتثقيل الحشو ، والهمزة من قدمه إذا تقدّمه في قوله تعالى : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ) (١) وحذف المفعول ليتناول كلّ ما يقع (٢) في النفس مما يقدّم من القول أو الفعل ، وجاز أن لا يقصد مفعول والنهي متوجه إلى نفس التقدمة كقوله : (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) (٣) أو هو من قدّم بمعنى تقدّم كوجّه (٤) ، ومنه مقدّمة الجيش وهي الجماعة المتقدمة منه ، ويؤيده قراءة يعقوب لا تقدّموا بحذف إحدى تاءي تتقدموا (بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) حقيقة قولهم جلست بين يدي فلان أن تجلس بين الجهتين المسامتتين ليمينه وشماله قريبا منه ، فسميت الجهتان يدين لكونهما على سمت اليدين مع القرب منهما توسعا ، كما يسمى الشيء باسم غيره إذا جاوره ، وفي هذه العبارة ضرب من المجاز الذي يسمى تمثيلا ، وفيه فائدة جليلة وهي تصوير الهجنة والشناعة فيما نهوا عنه من الإقدام على أمر من الأمور دون الاحتذاء على أمثلة الكتاب والسنة ، ويجوز أن يجري مجرى قولك سرّني زيد وحسن حاله أي سرني حسن حال زيد ، فكذلك هنا المعنى بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وفائدة
__________________
(١) هود ، ١١ / ٩٨.
(٢) في (ظ) و (ز) وقع.
(٣) غافر ، ٤٠ / ٦٨.
(٤) زاد في (ز) بمعنى توجه.