(أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤) بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ) (١٣)
بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة ، فهي صفة ذمّ وعلى القسم صفة مدح ، أي النفس المتقية التي تلوم على التقصير في التقوى ، وقيل هي نفس آدم لم تزل تلوم على فعلها التي خرجت به من الجنة ، وجواب القسم محذوف أي لتبعثن دليله :
٣ ـ ٤ ـ (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) أي الكافر المنكر للبعث (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) بعد تفرّقها ورجوعها رفاتا مختلطا بالتراب (بَلى) أوجبت ما بعد النفي أي بلى نجمعها (قادِرِينَ) حال من الضمير في نجمع ، أي نجمعها قادرين على جمعها وإعادتها كما كانت (عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) أصابعه كما كانت في الدنيا بلا نقصان وتفاوت مع صغرها فكيف بكبار العظام؟
٥ ـ ٦ ـ (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ) عطف على أيحسب فيجوز أن يكون مثله استفهاما (لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان (يَسْئَلُ أَيَّانَ) متى (يَوْمُ الْقِيامَةِ) سؤال متعنت مستبعد لقيام الساعة.
٧ ـ ١٠ ـ (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) تحيّر فزعا ، وبفتح الراء مدني شخص (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) وذهب ضوؤه أو غاب من قوله : (فَخَسَفْنا بِهِ) (١) وقرأ أبو حيوة (٢) بضم الخاء (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) أي جمع بينهما في الطلوع من المغرب أو جمعا في ذهاب الضوء ، ويجمعان فيقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى (يَقُولُ الْإِنْسانُ) الكافر (يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) هو مصدر أي الفرار من النار ، أو المؤمن أيضا من الهول ، وقرأ الحسن بكسر الفاء وهو يحتمل المكان والمصدر.
١١ ـ ١٣ ـ (كَلَّا) ردع عن طلب المفرّ (لا وَزَرَ) لا ملجأ (إِلى رَبِّكَ) خاصة (يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) مستقر العباد ، أو موضع قرارهم من جنة أو نار مفوّض ذلك لمشيئته ، من شاء أدخله الجنة ومن شاء أدخله النار (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ) يخبر (بِما
__________________
(١) القصص ، ٢٨ / ٨١.
(٢) أبو حياة : شريح بن يزيد سبق ترجمته في ٢ / ٢٣٧.