مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ
____________________________________
بعد هلاك الأمم السالفة (مُوسى) عليهالسلام (بِآياتِنا) أي مع دلائلنا وحججنا (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) أي قومه ، أو الأشراف منهم ، وإنما خصّوا لأنه عليهالسلام قصدهم أولا وبالذات (فَظَلَمُوا) أي ظلم فرعون وملأه أنفسهم (بِها) أي بسبب تلك الآيات ، فإن نزولها صار سببا لظلم أنفسهم ، ولو لا أنها نزلت لم يظلموا ، لأنه لم تكن حينئذ شريعة أصلا ، وهذا مجاز في النسبة كقوله سبحانه : (وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) (١) ، (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) أي انظر يا رسول الله ، أو كل من يأتي منه النظر ، والمراد ب «النظر» التدبر والتفكر ، فيما آل إليه أمر المفسدين ، من الهلاك والغرق.
[١٠٥] (وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي إني رسول إليك ، من الله تعالى ، وقد كان فرعون يقول أنه الإله ، كما قال سبحانه : (فَحَشَرَ فَنادى * فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) (٢).
[١٠٦] (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) أي واجب عليّ أن أقول الحق ، ولا أنسب إلى الله إلّا الصدق ، فإن الجدير بالنبي أن يقول ما قاله سبحانه ، لا أن ينسب إليه تعالى الباطل والكذب (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ
__________________
(١) الإسراء : ٨٣.
(٢) النازعات : ٢٤ و ٢٥.