هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما
____________________________________
وبالأرض التي تريد أن تجدب فنرتحل منها إلى أرض قد أخصبت ، فأنزل الله هذه الآية.
[١٩٠] وحيث انتهى السياق من قصة المعاد ، ونبذ من يوم البعث ، يأتي دور قصة أخرى من قصص البشر الذي لا يزال ينحرف عن الفطرة ويتوجه نحو الشرك والكفر ، كما تقدمت قصة «بلعم» بهذا الصدد (هُوَ) الله وحده (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) فابتداء الخلقة بآدم عليهالسلام وحده (وَجَعَلَ) أي خلق (مِنْها) أي من جنس تلك النفس ونوعها وصورتها (زَوْجَها) حواء عليهاالسلام (لِيَسْكُنَ) آدم عليهالسلام المفهوم من قوله «نفس واحدة» (إِلَيْها) أي إلى الزوجة ، فيستريح بها وتكون موضع سكونه واطمئنانه وراحته (فَلَمَّا تَغَشَّاها) أي قاربها ، إذ الرجل حين المقاربة يكون كالغشاء والغطاء لها (حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً) هو الماء الذي يستقر في الرحم أول الأمر ، وفي هذا الحين لا يحسّان بالحمل حتى يعلّقا عليه آمالا ، وينذرا لأجل الجنين نذورا (فَمَرَّتْ بِهِ) أي استمرت بالحمل على الخفة (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) أي صارت ذات ثقل ، وتبيّن الحمل وظهر أثره في الزوجة (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) أي دعا الزوج والزوجة ، فإن الكلام حول الإنسان لا حول آدم وحواء عليهماالسلام ، فإنه سبحانه يريد بيان الطبيعة البشرية التي تستقيم في أول الأمر ثم تنحرف لنوازع ورغبات ، والكلام في مثله حيث يبتدأ بجهة ، ثم ينصرف لجهة أخرى ، يسمى استخداما ، فإن اللفظ خدم معنى ، والضمير معنى آخر