إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤)
____________________________________
دليل على الفرق ، وإن الأصنام تنصر في زعم عبادها كما أن الله ينصر في نظر المسلمين؟
والجواب : إن الأدلة لما دلّت على وجوده سبحانه كانت كافية للفرق في مرحلة الواقع ، فلو كان هناك شخصان أحدهما يملك شهادة الطب ، والآخر جاهل ، ولم ينفع الدواء الذي وصفه صاحب شهادة الطب للمريض ، لا يمكن أن يقال بالتساوي مع الجاهل ، وإنما يجب أن يعلل بعلة أخرى ، وإن شئت قلت : إن الدليل في قوله تعالى : (لا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً) خطاب في الظاهر ، وإنما البرهان المقنع ما ذكرنا. وبهذا يجاب عن الإشكال بالنسبة إلى التوسل بالأنبياء والأولياء مما دلّ الدليل عليه.
[١٩٥] (إِنَّ الَّذِينَ) أي الأصنام الذين (تَدْعُونَ) هم (مِنْ دُونِ اللهِ) أي تجعلونهم آلهة (عِبادٌ) أي مخلوقة لله ، فإن العبد هو المطيع. ومن المعلوم أن الجمادات تطيع الله تعالى ، كما يطيعه الإنسان ، كما قال سبحانه : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (١) ، (أَمْثالُكُمْ) أيها البشر فليسوا بآلهة حتى تعبدونهم.
(فَادْعُوهُمْ) في مهماتكم وكشف الضر عنكم (فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) الأمر هنا للتعجيز والتوهين ، كما تقول للعاجز عن القيام : «قم إن صدقت أنك قادر» (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أنها آلهة تنفع وتضر.
__________________
(١) الإسراء : ٤٥.