خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ
____________________________________
على الباطل يأخذه الغضب الموجب للخروج عن آداب المحاورة ، أوصى الله سبحانه نبيه بمكارم الأخلاق ـ بمناسبة المقام ـ فقال : (خُذِ الْعَفْوَ) عن الناس أي لازم العفو عنهم ، وأصفح عن السيئ منهم ، أو المراد خذ الزائد من أموالهم ، أي ما عفا وفضل من نفقاتهم ، فإن الخمس والزكاة والخراج والجزية كذلك ـ غالبا ـ والمعنى الأول أقرب إلى الظاهر ، والمعنى الثاني وارد في الحديث ، ولا يبعد إرادة الأمرين ، فإن استعمال اللفظ في أكثر من معنى جائز إذا كان هناك دليل (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) أي ما يستحسنه العرف ، وهو ما ليس بقبيح عند العقل ، وهو ضد النكر (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) فلا تقابل جهلهم بجهل. إن المتكلم مع طبقات الناس المختلفة يحتاج إلى التزام هذه الأشياء إن أراد مراعاة الآداب ، فاللازم أولا أن يعفو عمن يخشن في الكلام ويتنكب عن طريق الحق ، ثم يأمره بالمعروف لعله يرجع ويسترشد ، فإذا رأى منه جهلا وإصرارا ، فليعرض عنه ولا يقابله بمثل عمله.
[٢٠١] (وَإِمَّا) مركبة من «إن» الشرطية و «ما» الزائدة تأتي لتجميل الكلام وفوائد أخر (يَنْزَغَنَّكَ) «النزغ» هو الإزعاج بالإغراء ، وأكثر ما يكون ذلك عند الغضب ، أي إن تالك (مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) وسوسة ونيل ونخسه في القلب ، وحركة وإزعاج بأن ثار القلب أمام الجاهل وغضب واحتد ، حتى أراد الانتقام والسباب (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) أي سل الله سبحانه أن يعيذك ويحفظك من شر الشيطان (إِنَّهُ) سبحانه (سَمِيعٌ)