فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢)
____________________________________
ليس للمؤمنين أن ينفروا ويخرجوا إلى الجهاد بأجمعهم ويتركوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحيدا (فَلَوْ لا) تحضيض وحث ، بمعنى : أن اللازم ذهاب بعض وبقاء بعض (نَفَرَ) وخرج إلى الجهاد (مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ) من كل قبيلة ونحوها (طائِفَةٌ) جماعة ، ويبقى من كل فرقة جماعة آخرون (لِيَتَفَقَّهُوا) أي ليتفقه هؤلاء الباقون ـ المفهوم من قوله : (نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) ـ (فِي الدِّينِ) يبقون خدمة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليتعلموا أحكام الإسلام التي تنزل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تدريجا (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) ينذر الباقون قومهم النافرين (إِذا رَجَعُوا) رجع النافرون (إِلَيْهِمْ) أي إلى الباقين (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) أي يحذر النافرون عما أنذروا به.
فلنفرض أن زيدا ذهب إلى الجهاد ، وبقي عمرو وتعلم من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حرمة الاستمناء ـ مدة غياب زيد ـ فإذا رجع زيد حذره عمرو عن الاستمناء حتى يترك وينقلع. ولو كان المعنى على هذا السياق المذكور لكان فهم وجوب الذهاب إلى مراكز العلم لتحصيله ، بالفحوى ، لأن المقصود من البقاء عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس إلا تعلم الحكمة وإفادتها للغائب ، وكذلك من يسافر في طلب العلم ثم ينذر أهله إذا رجع إليهم.
روي عن الإمام الباقر عليهالسلام أنه قال : «كان هذا حين كثر الناس فأمرهم الله أن ينفر منهم طائفة وتقيم طائفة للتفقه ، وأن يكون الغزو نوبا» (١). ولا ينافيه ما ورد عن الإمام الصادق ـ لأن الظاهر إرادة
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ١٥٧.