يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً
____________________________________
الفحوى ـ في تفسير الآية ، «فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله ويختلفوا إليه ، فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم ..» (١).
ثم إنه لو قلنا : إن الآية مستقلة برأسها لا ترتبط بما قبلها ، يكون المعنى : أن اللازم على كل طائفة من كل فرقة من المسلمين المنتشرين هنا وهناك أن يذهبوا إلى طلب العلم في مراكزه ثم ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم حتى يحذروا عن ترك الواجبات وإتيان المحرمات. وتكون المناسبة بينها وبين الآيات السابقة بيان أن النفر واجب في مقامين : في مقام الجهاد وفي مقام العلم. ولا يخفى أن الآية تشمل التفقه بنحو الاجتهاد ، وبنحو أخذ الرواية ، ونحو بيان المسائل بعد أخذها عن المجتهد ، فهي أعم من الاجتهاد والوعظ ونشر المسائل.
[١٢٣] وإلحاقا بما تقدم من أمر الجهاد ، يأتي السياق ليبيّن خطة الإسلام في جهاد الكفار (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ) من «ولي يلي» إذا قرب ، أي : يقربونكم ـ في الأرض ـ (مِنَ الْكُفَّارِ) فقاتلوا الأدنى فالأدنى ، وذلك لتتصل أرض الإسلام بعضها ببعض ولا تحدث بينها فجوة يتّخذها العدو مرصدا وقاعدة لمحاربتكم. وقد دلّ الدليل على جواز مقاتلة الأبعد إذا كان المسلمون في أمن من الأقرب لمهادنة أو معاهدة أو ما أشبه (وَلْيَجِدُوا) أي يجد الكفار (فِيكُمْ غِلْظَةً) وخشونة ، فإن ذلك مما يسبب انهيار معنويات العدو ، لكن ليست «الغلظة» بالمثلة ونحوها فقد حرّم الإسلام ذلك كما منع عن قتل المرأة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٤٠.