الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١)
____________________________________
(الْغَرَقُ) أي وصل إليه الماء ليغرقه (قالَ) فرعون للتخلص من الغرق : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا) الإله (الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ) يعني الله سبحانه ، فقد كان إلى ذلك الحين ينكره ويدعي الربوبية (وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) إني أسلم له. لكن إيمانه كان للتخلص والنجاة ، بالإضافة إلى أن الإيمان لا ينفع إذا عاين الإنسان الموت كما قال سبحانه : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) (١).
[٩٢] ولما كان هذا الكلام قال له جبرائيل : (آلْآنَ) تؤمن على نحو الإنكار ، فإن هذا الإيمان عن إلجاء واضطرار (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) ذلك بترك الإيمان وفعل المعاصي والفساد في الأرض (وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) في الأرض بظلم الناس والتعدي عليهم وإطفاء نور الأنبياء إلى غير ذلك.
روي عن الصادق عليهالسلام قال : «ما أتى جبرائيل رسول الله إلا كئيبا حزينا ، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون ، فلما أمره الله بإنزال هذه الآية (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) ، نزل عليه وهو ضاحك مستبشر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما أتيتني يا جبرائيل إلا وتبيّنت الحزن من وجهك حتى الساعة. قال : نعم يا محمد! لما أغرق
__________________
(١) النساء : ١٩.