وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (٩٢) وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ
____________________________________
أيا جبلي نعمان بالله خليا |
|
نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها |
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) غافلون عن التفكير في أدلتنا ودلائلنا.
[٩٤] (وَلَقَدْ بَوَّأْنا) مكّنا (بَنِي إِسْرائِيلَ) بعد نجاتهم من فرعون وقومه ، وخروجهم من مصر (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) مكان ثبات وأمن ، فإن المكان المتزلزل الذي لا يستقر فيه الإنسان هو مبوأ كذب ، إذ لا وجه له واقع ، فهو يحكي عما لا يكون ، إذ ظاهره الاستقرار وباطنه الانفلات والانقلاب. فقد مكّنهم سبحانه من الشام وبيت المقدس (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) بعد ما كانوا في أرض مصر متزلزلي المنزل حيث يضطهدهم فرعون ، ولم يكن لديهم ما يأكلون حتى صفرت أيديهم من المال ، لكن لم يبقوا على تلك الحالة ، فإنهم لما طال عليهم الأمد اختلفوا ، ولم يكن اختلافهم عن جهل فإنهم ما (اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ) وعرفوا كل شيء ، بل اختلفوا حسدا واستعلاء ، كما هو شأن كل أمة ، أنهم يتّحدون ما داموا قلة مضطهدين ، فإذا كثروا وأمنوا وأثروا اختلفوا على المال والجاه وما أشبههما. (إِنَّ رَبَّكَ) يا رسول الله (يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فقد أحيلوا إلى المحكمة الكبرى حيث لم يرضخوا لأحكام الله في الدنيا ولا ترافعوا إلى أنبيائه ليبيّنوا لهم الحق من الباطل (فِيما كانُوا فِيهِ