وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (٩٨) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً
____________________________________
أي في هذه الحياة القريبة فصرفنا عنهم العذاب (وَمَتَّعْناهُمْ) أبقيناهم متنعمين بنعم الدنيا (إِلى حِينٍ) جاء أجلهم فماتوا بالآجال المكتوبة.
فقد ورد أنه ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس عليهالسلام فكان يدعوهم إلى الإسلام فأبوا ذلك ، فهمّ أن يدعو عليهم ، وكان فيهم رجلان عالم وعابد وكان اسم العالم «روبيل» واسم العابد «تنوخا» وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم وكان العالم ينهاه ويقول : لا تدع فإن الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده. فقبل يونس عليهالسلام قول العابد ولم يقبل قول العالم حين يئس منهم بعد ما دعاهم ثلاثا وثلاثون سنة. فدعا عليهم ، فأوحى الله إليه يخبره بأنه يأتيهم العذاب في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا ، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيهم. فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب ـ بأن رأوا في اليوم الموعود ريح صفراء مظلمة مسرعة لها صرير وحفيف ـ فقال العالم لهم : يا قوم أفزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم. فقالوا : كيف نصنع؟ فقال : اخرجوا إلى المغارة وفرقوا بين النساء والأولاد ، وبين الإبل وأولادها ، وبين البقر وأولادها ، وبين الغنم وأولادها ، ثم ابكوا. وفعلوا ذلك وضجّوا وبكوا ، فرحمهمالله ، وصرف عنهم العذاب ، وفرق العذاب على الجبال وقد نزل وقرب منهم (١).
[١٠٠] (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) يا رسول الله (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) من البشر (كُلُّهُمْ جَمِيعاً) بلا استثناء أحد. ولذا جيء بتأكيدين ، حتى لا يظن
__________________
(١) تفسير القمي : ج ١ ص ٣١٧.