رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)
____________________________________
(رِزْقاً حَسَناً) بإعطائي النبوة والتوسعة عليّ في معاشي. والجواب محذوف ، أي : هل يسعني أن أترك عبادته وطاعته أو أخون وحيه فلا أبلغه ولا أؤديه؟! (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ) عملا (إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) بأن أرتكب القبائح التي أنهاكم عنها ، فأريد أن تتركوها وأعملها أنا. ولعلّه إنما تكلم بهذا ، لما يرى المصلحون ـ غالبا ـ أنهم يفعلون ما ينهون الناس عنه ، وإنما يريدون أن يتنازل الناس عن قسم من شهواتهم ليأتوها هم (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ) أي ما أريد من دعوتي إلا الإصلاح لكم عن المفاسد (مَا اسْتَطَعْتُ) أي على قدر استطاعتي.
قال بعض المفسرين : إن قوله عليهالسلام «إن كنت على بينة» إشارة إلى حق الله ، وقوله «ما أريد» إشارة إلى حق النفس ، وقوله «إن أريد» إشارة إلى حق المجتمع.
(وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) «التوفيق» مصدر «وفق» أي : تجمّع الأسباب لدى الإنسان ، وصيرورة بعضها وفق بعض لأخذ النتيجة. وغالبا تستعمل هذه اللفظة في التوفيق للأمور الحسنة وإن كان معناها اللغوي أعم ، فإن توفيقي في الكف عن القبائح والإطاعة ، والقيام بالدعوة إنما هو من عند الله سبحانه فإنه هو الذي أرشدني وهيأ لي أسباب ذلك (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) والتوكل على الله : الرضا بتدبيره ، واتخاذه ظهرا في الأمور بالالتجاء والتضرّع إليه (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أي أرجع في أموري كلها إليه ، فكما أن الإنسان إذا كان له ظهر وركن